بيت لحم 2000 - اتهمت القيادة المركزية الأمريكية عناصر يُشتبه بانتمائهم إلى حركة حماس بعملية نهب إحدى شاحنات المساعدات الإنسانية المتجهة إلى مدينة خان يونس في قطاع غزة، محذرة من أن هذا الحادث قد يعرقل الجهود الدولية الرامية لتوصيل المساعدات الحيوية إلى المدنيين في القطاع. وفي هذا السياق، شدد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو على أن حركة حماس تشكل عائقاً أمام إيصال المساعدات، مضيفاً عبر منصة "إكس" أن على الحركة التخلي عن السلاح لتوفير مستقبل أفضل لغزة.
وأكد البيان الصادر عن القيادة المركزية الأمريكية أن الشركاء الدوليين قاموا خلال الأسبوع الماضي بتسليم أكثر من 600 شاحنة يومياً من البضائع والمساعدات الإنسانية إلى غزة، وأن نحو أربعين دولة ومنظمة دولية شاركت في العمل من خلال مركز التنسيق المدني العسكري لضمان إيصال المساعدات إلى السكان المحتاجين بشكل منظم وآمن.
ورداً على هذه الاتهامات، أصدر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بياناً شديد اللهجة، وصف فيه المزاعم الأمريكية بأنها "باطلة ومفبركة"، واعتبرها جزءاً من حملة تضليل إعلامي تهدف إلى تشويه صورة الأجهزة الشرطية الفلسطينية، التي تعمل على تأمين وصول المساعدات وحماية القوافل الإغاثية. وأكد المكتب أن الشرطة الفلسطينية تولت مسؤولية مرافقة وتأمين المساعدات الإنسانية، وأن أكثر من ألف شهيد ومئات الجرحى من عناصرها قضوا أثناء أداء مهامهم في حماية المساعدات والكوادر الإنسانية، بما ينفي أي مزاعم عن تورطهم في أعمال نهب أو سرقة.
كما أعادت حركة حماس التأكيد على أن الاتهامات الأمريكية لا أساس لها من الصحة، واعتبرتها محاولة لتبرير تقليص المساعدات الإنسانية المحدودة أصلاً، ولتغطية عجز المجتمع الدولي عن إنهاء الحصار المفروض على القطاع وتجويع المدنيين.
وفي سياق تحليلي مفصل، أوضح الدكتور علي الأعور، المحلل والخبير بالشأن الإسرائيلي، أن توقيت الاتهامات الأمريكية يأتي في ظل وضع إنساني بالغ الصعوبة في قطاع غزة. وبيّن أن البيان الأمريكي ربما جاء في إطار محاولة للضغط على حركة حماس سياسياً وتقليص وصول المساعدات، مشيراً إلى أن مصادر من داخل القطاع أكدت أن الشرطة الفلسطينية تمكنت من السيطرة على القوافل ومنع أي سرقة، وأن المساعدات تصل إلى أماكنها المخصصة، رغم وجود احتكار محلي لبعض الشاحنات من قبل تجار يستغلون الأزمة وارتفاع الأسعار.
وأكد الدكتور الأعور في حديث خلال "جولة الظهيرة" مع الزميلة سارة رزق، والتي تبث عبر أثير راديو "بيت لحم 2000": أن القيادة الأمريكية فوجئت بقدرة حركة حماس على السيطرة على المناطق التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي، وأن الطائرات المسيرة الأمريكية التي زعمت تصوير شاحنات تُسرق قدمت صورة غير دقيقة عن الواقع. وأضاف أن الهدف من هذه التصريحات ليس كشف الحقائق، بل ممارسة الضغط السياسي على الحركة ومنع وصول المساعدات بشكل كامل، خاصة في ظل الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة.
وأشار الدكتور الأعور إلى أن الإدارة الأمريكية تسعى من خلال هذه الاتهامات لتحقيق عدة أهداف، أهمها الضغط على حماس لتقديم تنازلات سياسية، وثانياً تبرير تراجع حجم المساعدات الإنسانية، ما يزيد من معاناة السكان المحليين، خاصة وأن أسعار الغذاء والسلع الأساسية في القطاع أصبحت مرتفعة بشكل لا يقدر عليه المواطن العادي.
وفيما يتعلق بإمكانية تغييرات في آلية إدخال المساعدات أو إشراف جهات دولية جديدة عليها، بيّن الدكتور الأعور أن الموضوع مرتبط بالسيطرة السياسية والأمنية في القطاع، وأن الولايات المتحدة تتحكم بإيقاع الوضع العسكري والسياسي، ولا توجد حتى الآن موافقة إسرائيلية على إشراك قوات دولية أو حتى تركية. وأوضح أن الأمر يتجاوز حصره بغزة أو بقرارات رئيس الوزراء الإسرائيلي ناتنياهو، ليشمل ضغطاً دولياً وأمميّاً على كيفية توزيع المساعدات وإشراف الأطراف المختلفة على العملية الإنسانية.
ورأى الدكتور الأعور أن الحل الجذري يكمن في الوحدة الفلسطينية وإنهاء الانقسام الداخلي بين الفصائل، مشدداً على أن غياب موقف فلسطيني موحد يسمح لإسرائيل باستغلال أي اتهام ضد حماس لتبرير استمرار الحصار، واستغلال الظروف الإنسانية الصعبة لأغراض سياسية. وأضاف أن إدارة الولايات المتحدة غالباً ما تتخذ مواقف غير محايدة، إذ تدعم سياسات الاحتلال الإسرائيلي وتشارك في رسم خريطة العمليات العسكرية والسياسية في غزة.
وأشار الخبير إلى ازدواجية المعايير في تعامل إسرائيل مع حماس، حيث تتحدث في بعض الأحيان عن تسليم جثامين أسرى بسرعة، لكنها تنتقد الحركة في الوقت نفسه إذا لم تنجز الأمر بالسرعة المطلوبة، ما يعكس محاولات مستمرة للضغط على الحركة وتسييس الأزمة الإنسانية.
وأكد الدكتور الأعور أن الإدارة الأمريكية بدأت تنظر إلى حركة حماس كطرف سياسي محتمل للمفاوضات المستقبلية، ما قد يتيح اختراقاً سياسياً مستقبلياً ويؤكد أن الحركة جزء من النظام السياسي الفلسطيني. وأضاف أن المرحلة القادمة تتطلب خطوات عملية على الأرض للوحدة الوطنية وإعادة إعمار غزة، مع إشراك جميع الفصائل الفلسطينية كشركاء حقيقيين في العملية السياسية.
واختتم الدكتور الأعور حديثه بالتأكيد على أن القرار النهائي فلسطيني داخلي، وأن الشعب الفلسطيني هو من يحدد مستقبل غزة، داعياً جميع الفصائل، بما فيها فتح وحماس، إلى التفكير في خطوات عملية حقيقية لإنهاء الانقسام، وإعادة الإعمار، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المواطنين، بعيداً عن أي تدخلات أو ضغوط خارجية.
المزيد من التفاصيل في المقطع الصوتي أدناه:
أسعار العملات