بيت لحم 2000 - يعيش ملايين الأشخاص مع مرض جلدي يثير تساؤلات لا تنتهي ووصمة اجتماعية بل ومشكلات جلدية لا تنتهى، وهو الصدفية. ورغم أن هذا الاضطراب المناعي شائع الحدوث، فإن كثيرين ما زالوا يعتقدون أنه مرض ينتقل باللمس أو أنه مجرد جفاف بسيط في الجلد. هذه التصورات الخاطئة تُفاقم معاناة المريض أكثر مما تفعل الأعراض نفسها، لأنها تبني حواجز من الخوف والوصم الاجتماعي.
وفقًا لتقرير نشره موقع Franciscan Health، تصيب الصدفية ما يزيد على ثمانية ملايين شخص في الولايات المتحدة وحدها، وهي ليست عدوى جلدية كما يظن البعض، بل حالة مناعية مزمنة تدفع الجسم إلى إنتاج خلايا جلدية جديدة بوتيرة أسرع من الطبيعي. يتكوّن الجلد الجديد في غضون أيام بدلًا من أسابيع، فتتراكم الخلايا وتشكل لويحات سميكة وملتهبة تُغطي المرفقين والركبتين وفروة الرأس وسائر أجزاء الجسم.
الأسطورة الأولى: الصدفية مرض معدٍ
أكثر المفاهيم الخاطئة أن الصدفية يمكن أن تنتقل باللمس أو عبر استخدام الأدوات الشخصية، في الحقيقة، لا يمكن أن تنتقل الصدفية من شخص إلى آخر لأنها ليست ناتجة عن بكتيريا أو فيروس، بل عن خلل في جهاز المناعة يجعل الخلايا تتكاثر بصورة مفرطة لذلك، فمخالطة المريض أو ملامسة جلده لا تمثل أي خطر على الآخرين، وهي نقطة يؤكدها الأطباء دومًا لطمأنة المرضى ومحيطهم.
الأسطورة الثانية: المرطبات تزيل الصدفية
يظن كثيرون أن الصدفية لا تختلف عن جفاف الجلد، وأن المستحضرات المرطبة قادرة على إزالتها. الواقع أن الكريمات تساعد على تهدئة الحكة وتقليل القشور، لكنها لا توقف النشاط المناعي المفرط في الطبقات العميقة من الجلد. العلاجات الطبية الفعّالة تعتمد على مستحضرات موضعية تحتوي على الكورتيزون أو نظائر فيتامين D، وأحيانًا على العلاج الضوئي أو الأدوية البيولوجية التي تستهدف جذور الالتهاب وليس مظهره الخارجي.
الأسطورة الثالثة: خدش الجلد ينشر المرض
لا تنتقل الصدفية عبر اللمس أو الحكة، لكن من الممكن أن تؤدي الجروح أو الخدوش إلى ظهور بقع جديدة في مكان الإصابة، وهي ظاهرة طبية تُعرف باسم "كوبنر". لا يحدث هذا بسبب انتقال المرض داخل الجلد، بل لأن الإصابة تحفّز نفس التفاعل المناعي المسبب للمرض. لذلك يُنصح المرضى بالحذر من الإصابات والاهتمام بترطيب الجلد لتقليل التهيج.
الأسطورة الرابعة: الصدفية مشكلة جلدية سطحية
تبدو الصدفية في ظاهرها مرضًا جلديًا، لكنها في حقيقتها اضطراب شامل يؤثر على الجسم بأكمله. تشير الدراسات إلى أن نحو ثلث المرضى قد يُصابون بالتهاب المفاصل الصدفي الذي يُسبب ألمًا وتيبسًا في المفاصل. كما أن الالتهاب المزمن في الجسم يجعل المصابين أكثر عرضة لأمراض القلب والسكري والاكتئاب. أي أن الصدفية ليست مجرد بقع على الجلد، بل علامة على خلل مناعي معقّد يحتاج إلى رعاية شاملة.
الأسطورة الخامسة: يمكن الشفاء من الصدفية تمامًا
حتى اليوم، لا يوجد علاج نهائي للصدفية، لكن يمكن السيطرة عليها بدرجة كبيرة بالعلاج المنتظم والمتابعة الطبية الدقيقة. الهدف ليس القضاء الكامل على المرض، بل إبقاء الأعراض تحت السيطرة ومنع الانتكاسات. وقد أسهمت العلاجات الحديثة، خصوصًا الأدوية البيولوجية، في تحقيق تحسّن ملحوظ لآلاف المرضى.
الأسطورة السادسة: يمكن الوقاية من الصدفية
يعتقد البعض أن اتباع أسلوب حياة صحي كافٍ لتجنّب الصدفية، لكن الحقيقة أنها لا يمكن منعها لأنها مرتبطة بالجينات وبطبيعة جهاز المناعة. ومع ذلك، يمكن تجنّب تفاقمها بالابتعاد عن المحفزات المعروفة مثل التوتر، التدخين، الطقس البارد، وبعض الأدوية. وتُعتبر الرعاية الذاتية جزءًا مهمًا من العلاج، إذ تساعد على تقليل النوبات وتحسين جودة الحياة.
يُجمع الأطباء على أن أكبر ما يحتاجه مرضى الصدفية هو الفهم والتقبّل، لا الشفقة أو الخوف. فالمريض لا ينقل العدوى، ولا يختلف عن الآخرين إلا في استجابة جهازه المناعي. ومع المعرفة الصحيحة تختفي الخرافة، ويبقى الاحترام والوعي هما أفضل علاج اجتماعي يمكن تقديمه.
أسعار العملات