لمى منصور - حلمٌ جديدٌ قتلته رصاصات جيش الاحتلال الإسرائيلي على حدود قطاع غزة.

طفلٌ بعمرِ الورد، يحلمُ بعودةٍ إلى أرضٍ سُلِبَت أمام أعيُنِ أجداده.

أرضٌ، يريدها واسعةً خضراء، يلعَبُ فيها مع أصدقائه، ويمارسَ هوايتَه بلعب كرة القدم.

خرج يوم الثلاثاء 17.4.2018 إلى الحدود يلعب، وإذا برصاصةٍ غادرة توقِفُ قدَمه عن الحركة.

سَقَطَ الطفل عبدالرحمن نوفل (١٢عاماً) أرضاً، وارتفع سقف الحلم.

محاولات عديدة قامَ بها الأطباء ليعود عبد الرحمن يركُل كرته، ويصدّ تسديدات زملائه على مرماه، لكنّها فشِلَت.

نُقِل الطفل عبد الرحمن إلى المستشفى الاستشاري العربي، في رام الله، بعد تنسيقاتٍ معقدّة.

أُعيدَت المحاولات، لكنّ رصاصة متفجرّة اقتحمت حلم عبد الرحمن وأوقفتْهُ.

صباح يوم الخميس، 19.4.2018، أعلنت الطواقم الطبيّة في المستشفى الاستشاري أنه تم بتر قدم عبد الرحمن بعد عميلة طارئة أجريت له.

سيعود عبد الرحمن إلى غزّة يوم الأحد 22.4.2018، وسيدخل إلى مخيم النصيرات بقدمٍ واحدة، وسيراقب أصدقاءه ويحلم بركلة كرة.

رصاصة من الخلف

في حديث مع والدة الطفل فاطمة نوفل، أشارت إلى أنها منعت من مرافقة طفلها إلى رام الله، بحجة أن عمرها البالغ (٣٢عاما) لا يسمح بهِ الخروج من غزة.

وبينت أن جدة عبد الرحمن هي من رافقته، وهي في حالة صحية لا تسمح لها بالسفر حيث تعاني من مرض الضغط المزمن.

وحول إصابة الطفل عبد الرحمن قالت والدته: كان يلعب حول البيت مع أبناء الجيران، وفجأة دخل إلى البيت وتناول الغذاء على عجل، دون أن يخبرنا إلى أين سيذهب.

وأوضحت أنها اكتشفت بعد إصابته أنه لم يكن يلعب بالحي، وإنما ذهب مع أبناء الجيران إلى الحدود ليلعبوا كرة القدم في تلك المنطقة.

وجاءت إصابة عبد الرحمن عندما اقترب مع أصدقائه إلى نقطة قريبة من السياج الحدودي، حيث أطلق جندي إسرائيلي الرصاص باتجاه قدم عبد الرحمن من الخلف.

وأضافت الوالدة أن أحد الجيران كان متواجد بالمكان وحمل الطفل لأقرب سيارة إسعاف.

وأوضحت أن الإصابة التي تعرض لها الطفل كانت برصاصة متفجرة، وتم نقله بسيارة الإسعاف إلى مشفى الشفاء، في محاولة لإنقاذه.

وأفادت بأن الظروف الطبية في مشفى الشفاء صعبة جدا، حيث يعاني المشفى من نقصٍ كبير في الأدوية والأجهزة الطبية، والطاقم الطبي.

وأوضحت الوالدة أن الطواقم الطبية عالجت الطفل بمعقمات طبيّة، وأبلغت الوالدة بأن توقظه من وقت لآخر لتنشيط دورته الدموية، وطمأن الأطباء الوالدة بأن وضعه يتحسن.

حالته بدأت تتراجع، ولاحظتُ انتفاخاً في قدم عبد الرحمن، وبدأ وجهه يتحول إلى اللون الأزرق، قالت الوالدة.

وقرر الأطباء تحويله إلى أحد المستشفيات في الضفة الغربية؛ لخطورة حالته.

رحلة العلاج

ذهبت والدة عبد الرحمن لتكمل إجراءت النقل، لكنّ الرفض كان حليفها. واعترض الاحتلال الإسرائيلي على مرورها لأن عمرها لا يتجاوز سن ال (50عاماً)، ورافقت الجدّة حفيدها إلى رام الله، في المستشفى الاستشاري.

وبعد عمليّة طارئة أجريت له، قرر الأطباء بتر قدمه حفاظاً على حياته.

وأوضحت الطواقم الطبية في المستشفى أن حالة عبد الرحمن أصبحت مستقرّة والخطر زال.

وأشارت والدة الطفل أن عبد الرحمن يواجه وجعاً جديداً، إذ منذ أن بُترت قدمه هو يعاني من وضع نفسي صعب جداً. وعبرت الوالدة عن أسفها لعدم تمكنها من الوقوف بجانب طفلها في هذه الظروف.

وطالب والد عبد الرحمن يامن نوفل بتوفير العلاج الكامل لطفله وعدم إعادته إلى قطاع غزة إلا بعد استقرار حالته بشكل نهائي.

وأكد نوفل على أن بتر القدم تم من أسفل المفصل، مما يساعد وحسب تطمينات الأطباء بإمكانية زراعة قدمه.

وناشد نوفل الرئيس الفلسطيني محمود عباس لمتابعة حالة طفله، وتقديم العون والمساعدة له.

وأشارات الإحصائيات الآخيرة حول اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي بحق الأطفال الفلسطينيين عقب مسيرة العودة الكبرى شرق غزة، التي انطلقت في يوم الأرض 30.3.2018، وحتى هذه اللحظة، إلى أن أربعة أطفال استشهدوا وأصيب أكثر من 642 طفلاً.