بيت لحم 2000 -أطلق معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى وبالتعاون مع وزارة الثقافة الفلسطينية اليوم احتفالية "100 عام على ميلاد الموسيقي الفلسطيني سلفادور عرنيطة"، وذلك في حفل موسيقي نظم في قصر رام الله الثقافي.
انطلاق الاحتفالية سبقه منح رئيس دولة فلسطين محمود عباس أمس عائلة الموسيقي الراحل وسام الثقافة والعلوم والفنون-مستوى الابداع، وذلك لدور عرنيطة الريادي في إثراء الثقافة الوطنية الفلسطينية، وإسهاماته المبكرة والمتميزة في مجال التأليف الموسيقي الكلاسيكي وقيادة فرق موسيقية عالمية.
يعتبر سلفادور حبيب عرنيطة المولود في القدس يوم الرابع من آذار 1914، أحد رواد النهضة الموسيقية في فلسطين، وقد تتلمذ على يد الموسيقار القدير أوغسطين لاما، وبعمر الثلاثة عشرة بدأ العزف على آلة الأُرغن في كنيسة القيامة بالقدس وكاتدرائية القديسة كاترين في الاسكندرية، لينتقل بعدها إلى ايطاليا ويتخرج من أكاديمية سنتا تشيشيليا العريقة عام 1935. عمل عرنيطة أستاذاً للبيانو وللجوقة في كلية بيرزيت، وألف حينها عدداً من الأناشيد الخاصة لجوقة الكلية ومنها نشيد كلية بيرزيت الذي ما زال معتمداً كنشيداً للجامعة حتى يومنا هذا.
في عام 1948 اضطر عرنيطة على أثر النكبة لمغادرة فلسطين والاستقرار في بيروت، وانضم لاحقاً لهيئة التدريس في الجامعة الأمريكية في بيروت وأسس هناك لبرنامج البكالوريوس في الموسيقى وتولى رئاسة القسم لعدة سنوات، ودرس في جامعة هارفرد. وقد قاد عرنيطة فرقاً موسيقية متعددة منها أوركسترا غيلدهول السيمفونية، كما كان عضواً في عدة لجان تأليف موسيقي وروابط ومجالس وجمعيات فنية منها الجمعية الأمريكية للأساتذة الجامعيين.
لعرنيطة 204 مؤلفة موسيقية كانت سبباً في منحه عدة جوائز موسيقية منها حصوله على الجوائز الثلاث الأولى في مسابقة التأليف الموسيقي الثانية التي نظمتها جمعية الشبيبة الموسيقية في بيروت.
بدأت الاحتفالية بمشاركة رئيس مجلس مشرفي معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى السيدة ريما ترزي للجمهور تجربتها مع الموسيقي الراحل والذي كان أستاذها، مشيرة إلى كون الاحتفالية الرائدة ما هي إلا خطوة أولى للمعهد يهدف من خلالها تسليط الضوء على زخم التراث الثقافي الفلسطيني ولتعريف أبناء شعبنا والعالم أجمع بهذا التراث، كما عبرت عن أمل المعهد بأن يكون تراث هؤلاء الأوائل ملهماً للأجيال الناشئة و مشعلاً لشرارة الإبداع لديهم.
بدوره، أكد وزير الثقافة الفلسطيني الدكتور أنور أبو عيشة على أهمية اكريم المبدعين من أبناء شعبنا الذي أثروا الحركة الثقافية والفنية الفلسطينية، وسجلوا أروع صفحات الابداع في سجل الفنون والثقافة القومية والانسانية، معتبراً أن سلفادور عرنيطة علمٌ من أعلام شعبنا الذين يستحقون التكريم لما قدموه من ألحان وموسيقى خالدة استلهمت واقع وحياة شعبنا وساهمت في تحويل قضيتنا الوطنية الفلسطينية إلى قضية انسانية تمس كل شعوب المعمورة.
وأضاف: " لقد جسد عرنيطة في مسيرته الفنية الطويلة علامة فارقة في تاريخ الموسيقى العربية وإن معزوفاته وألحانه المتنوعة والتي صدح بها قلبه قبل أن تصدح بها أصابعه وأحاسيسه ستظل عبر التاريخ جزءاً أساسياً من الموروث الحضاري الفمي لشعبنا الفلسطيني وشجرة غناءه وارفة الظلال تتفيء فيها الأجيال القادمة التي لا بد لها أن تستقي من هذا الإبداع لحن الحياة الفلسطينية الحرة في دولة فلسطينية حرة عاصمتها القدس الشريف.
كلمة وزير الثقافة، تبعها تكريم عائلة الموسيقي الراحل بتقديم السيدة ترزي والسيد الوزير لدروع تكريمية لعائلة عرنيطة، تسلمتها شادية عرنيطة جاسر ابنة الموسيقي الراحل وأحفاده نصري، أسامة وجمانة.
تستمر الاحتفالية المئوية الخاصة بعرنيطة لمدة عام كامل بحيث تنتهي يوم الرابع من آذار 2015 في حفل كبير تستضيفه جامعة بيرزيت. وستشمل تنظيم المعهد لمجموعة من الفعاليات منها عروض موسيقية في مدن فلسطينية مختلفة، وفي كل من عمان، بيروت ولندن، وستعزف أوركسترات فلسطين في عروضها الموزعة على مدار العام مقطوعات موسيقية لعرنيطة. كذلك فقد تم تخصيص جائزة للعزف الجماعي تحمل اسم سلفادور عرنيطة وذلك ضمن مسابقة فلسطين الوطنية للموسيقى، التي ستنظم ما بين 10 و 16 نيسان 2014، كما سيعيد المعهد نشر جزء من مؤلفات عرنيطة ومجموعة من الإصدارات الموسيقية الخاصة به، كما سيتم إنتاج اسطوانة موسيقية وتنظيم عدد من المحاضرات التعريفية بالموسيقي الراحل.
وعن والدها قالت شادية عرنيطة جاسر ابنة الموسيقي الراحل: " كان سلفادور عرنيطة رجل المحبة والإلهام، كان الزوج والأب والمعلم، الذي ملأ حياة من حوله بأحداث مثيرة، وساهم في إحداث تطورات اجتماعية وثقافية ولعل إخلاصه المطلق لموسيقاه كان شاهداً على ذلك". وشكرت جاسر معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى على تنظيمه لهذه الاحتفالية الفخرية.
هذا وقد تخلل حفل انطلاق الاحتفالية برنامج موسيقي قدمت فيه مجموعة أغان لحنها عرنيطة وكتبت كلماتها زوجته الراحلة يسرى جوهرية عرنيطة.وقد أدت هذه الأغاني جوقة نيسان بقيادة الأستاذ جورج غطاس ومرافقة اكورديون لمحمد القططي، وقد ضمت الجوقة عدد من طالبات مدرسة راهبات مار يوسف.
تلا غناء الجوقة، عزف منفرد على البيانو للأستاذ جريس بلاطة، وعزف ثنائي على آلتي البيانو والتشيلو لبلاطة ورند خوري، وكان الختام مع أوركسترا معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى ومقطوعتين موسيقيتين.
يشار إلى أن احتفالية "100 عام على ميلاد الموسيقي الفلسطيني سلفادور عرنيطة ينظمها معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى بالشراكة مع وزارة الثقافة الفلسطينية، جامعة بيرزيت، الجامعة الأمريكية-بيروت، المعهد الوطني للموسيقى- الأردن، ومؤسسة The Peace and Prosperity Trust- لندن.
[g]
بعدسة : جهاد القاضي