بقلم: حمادة فراعنة
دللت تصريحات رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيرانية كمال خرازي على ماهية السياسة الإيرانية مما يجري في لبنان، من اشتباكات متواصلة ومواجهات مضبوطة بين حزب الله والمستعمرة الإسرائيلية.
كمال خرازي أوضح مسألتين في غاية الأهمية:
أولاهما أن إيران لا تستطيع إلا الوقوف مع حزب الله إذا تمادت المستعمرة في حربها المحدودة، وانتقلت إلى الحرب الشاملة، حيث ستتسع المواجهات لتشمل جبهات ووسائل وأدوات متعددة، بحيث لا يتم ترك حزب الله وحده في مواجهة قوات المستعمرة.
وثانيهما أن إيران لا تريد الحرب، ولا تريد التصعيد، ودعت الولايات المتحدة إلى كبح جماح المستعمرة، لأن التصعيد سيكون ضاراً لكافة الأطراف، ولن يكون في صالح بلاده ولا الولايات المتحدة.
الولايات المتحدة من جانبها، تعمل باتجاهين:
أولهما دعم المستعمرة بما تستطيع من توفير الغطاءات السياسية والعسكرية والقتالية، وحمايتها من المس والهزيمة، مع التأكيد والحرص على لجمها نحو عدم التصعيد في لبنان.
وثانيهما محاولة فصل الصدام اللبناني الإسرائيلي عما يجري من حرب على قطاع غزة.
مبعوث الولايات المتحدة من البيت الأبيض إلى لبنان عاموس هوشستين فشل في مسعاه، لمحاولة التوسط لوقف دعم حزب الله للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، لأن الحزب ينظر لمعركة غزة باعتبارها معركته القومية، وهو بهجماته وصداماته المتبادلة مع قوات الاحتلال يُشكل رافعة معنوية ومادية مساندة للشعب الفلسطيني لا يستطيع التراجع أو التخلي عنها.
لهذا تتضح الرؤية أكثر بأن المواجهات على الحدود الشمالية الفلسطينية اللبنانية والصدامات بين الطرفين ستبقى محدودة، مهما تغيرت مفردات التعبير عنها لسببين جوهريين:
الأول أن قوة الردع لدى طرفي الصراع، حزب الله والمستعمرة، تحُول دون تحقيق انتصار استراتيجي لأحدهما على الآخر، فكلاهما يملك القدرة على إيذاء الآخر.
والثاني أن مرجعيتَيهما (الأميركية للمستعمرة، وإيران لحزب الله) لا مصلحة لهما في التصعيد، ولا ترغبان في توسيع الحرب المحدودة لتتسع إقليمياً.
في زيارة يوآف غالنت لواشنطن واللقاء مع كبار المسؤولين الأميركيين، اتضحت له سياسات البيت الأبيض حول ضرورة عدم التصعيد ولجم الجموح الإسرائيلي الذي يجتاح حكومة نتنياهو بسبب مواقف الثنائي بن غفير وسموتريتش، واستجابة رئيس الحكومة نفسه لنزوعهما المتطرف غير الواقعي، وغير المتفق مع سياسات واشنطن التي تنظر إلى الأولويات بغير الحرب والتصعيد، وهي مع بقاء سقف لهذه الصدامات، سواء في فلسطين أو لبنان أو غيرها.
إيران تعمل على خدمة مصالحها، وتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية، عبر توظيف التنظيمات العربية في لبنان والعراق واليمن، بدون أن تخوض صراعاً أو عراكاً مباشراً مع الولايات المتحدة، خاصة أنّ واشنطن تعمل على لجم جموح الاتجاهات الإسرائيلية المتطرفة، وبذلك تحقق إيران مساعيها للحفاظ على أمنها ومنع واشنطن للمستعمرة من المس بـ: 1- المفاعل النووي الإيراني، 2- مصافي النفط، وهو ما تخشاه إيران.
حصيلة ذلك، سيبقى الصدام في لبنان محدوداً مهما تصدرت المفردات المتطرفة واجهات الإعلام المختلفة.
المواجهات على الحدود الشمالية الفلسطينية اللبنانية والصدامات بين الطرفين ستبقى محدودة، مهما تغيرت مفردات التعبير عنها