الانتفاضة الرابعة قادمة لا ريب فيها ، رغم انها لن تكون كما سابقاتها ، الانتفاضة الأولى شعبية واسميت بانتفاضة الحجارة عام 1987 ، و الثانية مسلحة و اسميت باسم الأقصى عام 2000 ، و الثالثة بالسكاكين و الدهس عام 2015 تطعّمت من غزة بمظاهرات العودة و تعمدت بدماء نحو ستمائة شهيد .
يتوقع الكثيرون من العاملين في الحقل السياسي والإعلامي ، بتفجر انتفاضة رابعة في الضفة الغربية ردا على مجازر الاحتلال و الحرب الابادية في غزة ، و التي اعادتها إسرائيل الى العصر الحجري ، كما تحب تسميتها ، او تحقيق حلم رابين ان يبتلعها البحر ، و تحكمها في أحسن الأحوال حكومة على يمين حكومات السلطة ، يمينا سياسيا استهلاكيا طفيليا فاسدا ، اسمها حكومة تكنوقراط .
الانتفاضة الرابعة ، ستكون شيئا رابعا ، لا حجارة و لا أسلحة و لا سكاكين ، بل رفض شعبي عارم للتصالح مع دولة التحضر و الديمقراطية التي ابادت الأطفال و دمرت البيوت فوق رؤوس ساكنيها ، عمدت الى تجويعهم حتى وصل الامر بتحويلهم الى اشبه بالوحوش تنقض على شاحنات الطعام و يتسلى قناصوها بقصفهم و قتلهم . دولة لكي تغطي على فشلها يوم 7 أكتوبر من خريف العام الماضي تمد حربها ضد شعب اعزل محاصر فقير الى ربيع العام الذي يليه دون ان تشبع بل و تتوعد بالمزيد ، دولة انفض من حولها اقرب مقربيها من بين دول العالم الحر الذي كأنه اكتشف شيئا مخالفا و مغايرا لكل ما آمن به من قبل عن دقة ديمقراطية و حضارة هذه الدولة .
الانتفاضة الرابعة ، ستكون في جزء أساسي من مكوناتها ضد الاجنحة الفلسطينية التي رفرفت خلال العقود الثلاثة الماضية نحو سلام كاذب و مخادع مع من لا يحبون السلام بل يحبون الحرب و لا شيء غير الحرب ، يكشرون عن انيابهم فجأة خلال يوم واحد فيستهدفون نصف الشعب الفلسطيني قتلا و ردما ونزحا و تهجيرا و تجويعا ، للدرجة التي وصلوا فيها الى قتل نحو نصف أسراهم دون ان تدمع لهم عين او حتى يرف لهم جفن .
الانتفاضة الرابعة ، ستكون ضد الذات العربية الإسلامية التي بدت طوال ستة أشهر فاشلة قاصرة عاجزة صامتة متواطئة ، و في أحسن الأحوال وسيطة من اجل هدنة ، او من اجل تدخيل مساعدات قد تكفي جموع الجائعين وجبة واحدة نهار ذلك النهار السعيد الذي ابتسم للأطفال من ثغر تلك الوجبة . أي عروبة هذه و أي اسلام ، و حين نظروا الى ما يفعله "الكفار" في جنوب افريقيا و البرازيل وشوارع مدن أوروبا العريقة ، و جدوا فيهم نخوة و شهامة اكثر مما و جدوه في عروبتهم واسلامهم . الانتفاضة الرابعة ستضع نحو 500 مليون عربي امام جدارة عروبتهم ، إن كانت ستقتصر على اللغة الواحدة و الدين الواحد فقط ، ام ستمتد الى مضمون هذه اللغة و هذا الدين ؛ الاخوة و التعاون و التعاضد و التضامن ، و هذا يتطلب امرا من امرين ، تغيير هذه الروح القطعانية المخزية او تغيير النظام الحاكم ، و في الحالتين يحتاج الوضع الى الانتفاضة الرابعة الآتية بلا ريب ، لكن انتصار المقاومة في غزة – القريب - سيسرّع من اندلاعها .