لم نصل بعد الى اليوم الذي تتوقف فيه الحرب الابادية على غزة وهي تدخل شهرها الخامس لكي نتناقش في مسألة اليوم الذي يليه ، و لكننا بكل تأكيد سوف نصل ، و لسوف نعبر النهر كما يقال .
و لقد وضعت الأطراف سيناريوهات متعددة ، لكنها في حقيقة الواقع مختزلات و متكثقات في سيناروهيْن اثنين تبعا للمنتجيْن / المخرجيْن الاثنين ، أمريكا وايران .
أمريكا و معها إسرائيل و الاطلسي والجوقة العربية المعروفة ، وايران ومعها محور المقاومة في لبنان والعراق و اليمن وسوريا . بالطبع ، سيحاول كل طرف منع الطرف الآخر من تسجيل انتصار وبالتالي فرض شروطه .
فلسطينيا ، يبدو الامر اكثر تعقيدا ، فعدا عن ان فلسطين ، غزة و الضفة و القدس العاصمة المفترضة ، هي مسرح الاحداث والابادة و الدمار و الاعمار و الدولة الموعودة ، فهناك طرفان يتبع الأول للمحور الامريكي و يتبع الثاني للمحور الإيراني
الأول هو السلطة التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية و الثاني كتائب القسام / السرايا / أبو علي /التابعة لحماس و الجهاد و الشعبية ، مع بروز تباينات في الآونة الأخيرة لم تكن ظاهرة قبل الطوفان ، ابرزها ان المنظمة في وضعها لا تستطيع الاضطلاع بالشأن الغزي ، و لهذا تطالبها أمريكا بالإصلاحات و تنازل الرئيس عن صلاحيات شبه مطلقة.
تباينات حماس المتقاطعة مع قطر و مصر ترى في ذلك مقدمات مقبولة يترافق معها الدخول في الهدنة التي طبخت مؤخرا في باريس لكنها مرفوضة من قيادة القسام و الجهاد وبقية فصائل المقاومة ، لأنها كأنها مرفوضة اصلا من حزب الله و ايران و محور المقاومة عموما ، رئيس المنظمة يدعو حماس والجهاد الانضمام بعد الموافقة على شروط تعجيزية ، لا يمكن للقسام و السرايا و أبو علي مصطفى و محور المقاومة اللبناني السوري العراقي اليمني الإيراني الموافقة عليها ، حتى محاور فتحاوية ذات ثقل و تأثير ترفضها ، مثل مروان و القدوة و كتائب شهداء الاقصى ، لسان حالهم يقول : لماذا لا تنضم المنظمة الى حماس و الجهاد و النضال ؟ قبل الطوفان ، كان يمكن فهم دعوة انضمام حماس والجهاد اليها ، لكنها اليوم مكشوفة و فاسدة و خاوية ولا يوجد فيها فصائل ذات وزن او تأثير ، الشعب الفلسطيني بمجمله تقريبا ينفض من حولها ، و هو الذي قاتل طويلا لكي يثبت شرعيتها و وحدانية تمثيلها له و لتطلعاته في الحرية و الاستقلال ، التف حولها عندما كانت منظمة تحرير جبهوية موحدة ، لكنها عزفت عن كل ذلك عندما جنحت للسلام الكاذب و المخادع منذ ثلاثين سنة و اكثر . هل يعقل ان تكون منظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني وهي جزء من محور اعدائه الذين اعتدوا عليه بكليتهم في حرب ابادية في الثامن من أكتوبر و ما زالت مستمرة بنزعات التفرد و الاستئثار و الهيمنة و التنسيق المقدس دون ان تغير او تتغير .
في مطلع السلام عام 1994 استنكر رجل عجوز هدم منزله في كيسان شرقي بيت لحم للضابط المسؤول من ان "هناك سلام يا خواجا"، فرد عليه الخواجا : هناك ثلاثة أشياء لن تراها طوال حياتك ؛ عين النملة ، رجل الافعى ، و السلام .