بقلم: حمدي فراج
بدأ الحديث الجدي عن الصفقة / الهدنة / وقف النار / الاستراحة / الانسحاب / التبادل / اليوم التالي ... الخ ، و سنسمع الكثير الكثير من التحليلات و الآراء والمواقف التي تحث على الدخول في العملية التي دبجت بنودها في باريس برعاية أمريكية و حضور عربي ضعيف ، ممثلا بالدولتين الوسيطتين مصر و قطر ، ذات التأثير اللافت من قبلهما على فصائل المقاومة و بالتحديد على حركة حماس ، و بالمناسبة فإن الحضور العربي كله تقريبا كان ضعيفا خلال العدوان الابادي على غزة على مدار الأربعة أشهر الماضية .
سنسمع من يؤيد الصفقة ، و من يعارضها ، و كلا الطرفين ، سيجانب الصواب بعيدا مهما امتلك من أدوات التحليل ، اذ لا يمكن البت في قضية معينة مصيرية على هذا النحو ، دون ان يلم بالتفاصيل ، بل بتفاصيل التفاصيل التي فيها يكمن الشيطان ، كما يقال . في اتفاقية أوسلو قال الرئيس السوري السابق حافظ الأسد ان كل بند فيها يحتاج الى اتفاقية ، أما المسألة الثانية فهي المتعلقة بقدرات المقاومة ، فهي الأكثر معرفة والاجدر في التقرير والاحرص على عدم تضييع أي فرصة والاقدر على التمييز بين الثمين و الاثمن او كما قال الرئيس الإيراني الأسبق احمدي نجاد التمييز بين الجوهرة و البلحة .
وبالنسبة للتفاصيل التي يكمن فيها الشيطان ، فإن الشيطان لم يعد خافيا على احد ، و هو ظاهر للعيان في التفاصيل و غير التفاصيل ، في البدايات و النهايات ، المقدمات و النتائج ، في الظواهر و البواطن ، الناس عرفوه في شوارع العالم قاطبة ، محكمة العدل الدولية بدأت محاكمته بأخطر تهمة في التاريخ وهي الإبادة الجماعية ، أمه أمريكا ضاقت به ذرعا ، جدته بريطانيا أعلنت انها لن تقيم له وزنا و ستعترف بالدولة الفلسطينية حتى بدون اتفاقية سلام معه ، و هو هذا الشيطان يعلن على الملأ انه لم يحقق أهدافه بعد ، و لسوف يستأنف ما بدأه بمجرد إستعادته أسراه بالتفاوض بعد ان فشلت كل محاولاته الشيطانية بما في ذلك قتلهم او اغراقهم بمياه البحر . إن الضغظ الداخلي الذي يواجهه لأشد وطأة عليه حتى من القتال في وحل غزة ، هذا الضغط المتصاعدة وتيرته مع مرور كل يوم جديد ، لسوف يتوقف فورا بعد عودة هؤلاء الاسرى الى بيوتهم ، بل ان هذا سيرتد على غزة مقاومة وشعبا لانها احتجزتهم طوال هذه المدة . انه نفسه الشيطان الذي بعد خروج منظمة التحرير من بيروت عام 1982 بوساطة أمريكا و بعض الاعراب ، انقض على صبرا و شاتيلا و أوقع فيها مجزرته المشهودة في التاريخ . انه نفسه الشيطان الذي وقع مع المنظمة اتفاقية أوسلو ، و حولها من رأس حربة حركات التحرر الوطني في العالم قاطبة ، الى مجرد سلطة "بدون سلطة" كما يقول عنها أصحابها .
جاهل او واهم من يظن ان كتائب القسام او غرفة العمليات المشتركة في غزة ستوافق او ترفض المعروض يدون موافقة قائد محور المقاومة ، انه كان بها خبيرا و جديرا .