بقلم: اسماعيل جمعه الريماوي
منذ قيام دولة الكيان في العام 1948 على انقاض نكبة الفلسطينيين بدأت تنتهج سياسة الاستعمار البريطانية
«فرق تسد» وعمقتها في اوساط ابناء الشعب الفلسطيني، الذين تجذروا في أرض الاباء والاجداد. وذلك
لتمزيق وحدة النسيج الوطني للأقلية الفلسطينية العربية، التي واصلت العيش في دولة التطهير العرقي
الاسرائيلية.
فقامت الدولة العبرية بعد إعلان تأسيسها بتقسيم الفلسطينيين الى طوائف ومذاهب، واصبغت عليهم «الهوية
الدينية»، وذلك لتسقط عنهم هويتهم الوطنية والقومية بهدف دمجهم كأقليات مذهبية او طائفية في الدولة
الجديدة خشية من انبعاث الروح القومية، التي تهدد نقاء دولة الابرتهايد الإسرائيلية. فباتت تتعامل معهم
حسب تصنيفاتها الدينية: المسلمين والمسيحيين والدروز.. الخ
وحاولت القيادة الصهيونية فصل الفلسطينيين عن بعضهم البعض من خلال استقطاب بعض أبناء الاقلية
الفلسطينية على حساب الباقي، ففرضت الخدمة العسكرية على اتباع الطائفة الدرزية عام 1953، البالغة
نسبتهم 10 % من مجموع الأقلية الفلسطينية. كما قامت بذات الخطوة مع بدو السبع في ذات الفترة مع انهم
من المسلمين السنة، لكنها سعت للتفريق بينهم وبين باقي أشقائهم من الفلسطينيين.
وواصلت حكومات إسرائيل المتعاقبة تنفيذ سياسة فرق تسد بين الفلسطينيين، فلم تكتفِ بتفريقهم وتقسيمهم
على الأساس المذهبي والطائفي والديني، انما ذهبت لأبعد من ذلك لتعميق عملية التشرذم بينهم في الفصل
الجغرافي بين فلسطيني الداخل المحتل إلى القدس والضفة الغربية إلى قطاع غزة في جيوب منعزلة ففصلت
العائلات والقبائل عن بعضها البعض، والحارات في المدن والبلدات الفلسطينية من خلال أدواتها وعملائها
المندسين في أوساط المواطنين الفلسطينيين.
كما قامت بدعم قوى فلسطينية تحت مسميات «حزبية» ونقابية وفرق فنية وثقافية» لتشويه الهوية الوطنية
الفلسطينية، وللإساءة للبعد القومي العربي لفلسطيني داخل الداخل. ولإضعافهم اكثر فأكثر، وتأليبهم على
بعضهم بعضا لقطع الطريق على وحدتهم وتصديهم للتحديات المفروضة عليهم من الدولة العنصرية.
كما تساهم حاليا في تدمير المجتمع الفلسطيني في الداخل من خلال نشر الجريمة المنظمة و عصابات
الإجرام و المخدرات و الأسلحة في المدن و القرى العربية في الداخل المحتل إضافة إلى استغلال ذلك
لزرع الانقسام بين العائلات وموضوع الثأر والانتقام بينهم.
أما في الضفة الغربية وقطاع غزة فتسعى أيضا لذلك و من ثم تشجيع و ترسيخ الانقسام السياسي الفلسطيني
و تعدد الساحات بين شطري الوطن الواحد مستغلة الجغرافيا و السياسية فقد عاود الاحتلال
الإسرائيلي ممارسة هوايته خلال العدوان الأخير على قطاع غزة ، في محاولة ترسيخ سياسة فرق تسد،
والتي حاول من خلالها تحييد حركة حماس عن المواجهة الجديدة والتركيز و الاستهداف على حركة الجهاد
الإسلامي التي اغتال اثنين من كبار قادة جناحها العسكري سرايا القدس .