عزيزتنا قلوبنا ظلنا ناقوس ذواتنا وأحلامنا ، أسفارنا المعلقة على خيوط الشمس ، وأعتاب القمر …
لا غياب للشهداء وأصحاب المبادئ والرسالات العميقة والمتجذرة في أعماق المجتمعات والقضايا الجمعية المشتركة .
حاضرة كنت ولا زلت في كينونتنا الإنسانية والوطنية والمهنية ، وشريكتنا في تفاصيل حياتنا بكل أبعادها وزواياها المتجددة.
الإنسانية ليست صفة مكتسبة في هذا العالم المتناقض الألوان ، بل هي نهج حياة : بكيت على حواف الوطن سهوله وجباله وبحره المتوسط الأبيض ، دموعك سالت على حكايا الشهداء والجرحى والأسرى ، وعلى المغتالين بجوار حواجز وبوابات وجدران الفصل العنصري .
لامست بيديك الحانيتين وجع الامهات والاآباء والزراع والعمال والموظفين ،وحتى جذوع الزيتون التي إقتلعتها جرافات المغتصب الحاقد وجيش مستعمريه المختبئين على رؤؤس التلال.
وعلى كتفيك علقت نياشين المهنية العالية بدقة متناهية ، فجمعت الرأي من كل حوافه ونقاط وجوده ، وسجلت بعدسة كاميراتك الصورة من كل المشاهد والنوافذ المطلة عليها ، وكانت فلسطين وقضاياها هي البوصلة والهدف .
وضعت أسس مدرسة إعلامية عالية الجودة والمستوى ، شعارها مصلحة فلسطين والوطن هو المسار الصحيح للعمل والسهر والتعب ، وقلت دوما : الصحافة موقف ، ومن لا يمتلكه يجب أن يتنحى جانبا عن مسرحها وإلى الأبد .
ولا جدال عند الناس حول عشقك الأبدي للقدس العاصمة ، فكنت تتحدثين عنها بصوت المحب الذي لا يرى نفسه إلا في حضن حاراتها وأزقتها وكنائسها ومساجدها وتكاياها وزواياها .
ولأن الكلمة الحقة والموقف السليم هو للإعلام الحر والجريء ، كان قرار عصابة الموت القابعة في تل ابيب هو التخلص منك ، فكانت طلقات الغدر جاهزة لقتلك وإنهاء خطرك المحدق على المشروع الصهيوني الأسود ، فكان مخيم جنين هو المكان المجهز لفعل الجريمة النكراء … جندي حاقد ثمل بالكره والموت أطلق رصاصه الأسود بإتجاهك ، ترنح جسدك الطاهر ، حملته روحك نحو العلا حاملة في ثناياه ألق الشهادة وشهادات التميز .
فلسطين كلها من البحر الى النهر حملتك في قلوبها وسارت بك في طريق شقائق النعمان البهي والملون والمعطر والانيق .
لاحقتك هراواتهم وانت في تابوتك الخشبي الوديع ، حمتك من بطشهم صدور الناس ودعوات الامهات والمؤمنين في كل مكان وصوب وحدب .
عام على الرحيل يا شيرين ، عام على الوجع الكبير ، عام على شلال الفقد والرحيل ، ما أصعبها من أوقات وساعات وأيام .
ولانك فلسطينية الدم والمحتوى ، لم يعاقب القتلة على جريمتهم النكراء ، ما زالوا طلقاء ، وما زال جيشهم وحكومتهم تعيث في الأرض فسادا وعهرا وإجراما … سنلاحق القتلة حتى النهاية وسنقتص منهم لا محالة ..
زرتك ذات يوم في مرقدك الاخير وقرأت تراتيل الحزن وآيات من القرأن الكريم ، وابلغتك مدى حب الناس لك .
شيرين ابا عاقلة يا رفيقة المواقف والرؤى ، في ذكرى رحيلك الصعب لا نملك سوى الدعاء الطويل لك .
وداعا يا سيدة النساء ، يا عين الحقيقة ، يا نبض الناس البسطاء .. وأمام رب رحيم الملتقى حيث العدالة ترسم معالمها الحقة … وداعا وإلى لقاء .