بقلم: حمدي فراج
هدد جو بايدن رئيس اكبر دولة في العالم ، بل رئيس العالم ، هدد بمسح كوريا الشمالية (حوالي 30 مليون انسان) عن الخارطة بالسلاح النووي ، دون ان يسمع كلمة واحدة من حلفائه "المتحضرين" في أوروبا و"غير المتحضرين" في باقي اطراف العالم ، تنتقده على هذا التصريح الوحشي ، او تطالبه بسحبه او الاعتذار عنه أو التنصل منه . و كما هو معروف ، فإن أمريكا لا تمزح في هكذا موضوع ، إذ سبق وفعلت ذلك في جارة كوريا قبل ان تقسمها الى كوريتين ، عندما ضربت مدينتين يابانيتين بالقنابل الذرية وأبادت سكانهما ، والحيوان والنبات .
التهديد بالمسح من الخارطة او عن الخارطة ، بتنا نسمعه في السنوات الآخيرة في أكثر من مكان في هذا العالم (الخارطة) ، سواء بالنووي او غير النووي ، فقبل أيام سمعنا مسؤولا روسيا يهدد أوكرانيا بمسحها عن الخارطة (أوروبا) اذا ما انضمت للحلف الأطلسي ، و هي التي يناهز عدد سكانها الخمسين مليونا ، و على مدار عمر الثورة الإسلامية في ايران قبل خمسة عقود تقريبا ، نسمع تهديدات لإسرائيل بمسحها بدورها عن الخارطة ، مع التنويه ان ايران لا تمتلك سلاحا نوويا ، و كان وليها الفقيه خامنئي قد صرح ان استخدام مثل هذا السلاح حرام شرعا . إسرائيل بدورها ، و هي تمتلك هذا السلاح بعد ثلاث سنوات فقط على إنشائها ، تنكر عمليا وجود الشعب الفلسطيني ، و هي مقدمة لابادته و مسحه عن الخارطة ، و قد تكرر ذلك مؤخرا على لسان احد وزرائها (بتسلئيل سموتريتش) من على منصة باريسية ، ان الشعب الفلسطيني مجرد وهم تم اختراعه على ارض إسرائيل في المئة سنة الأخيرة . في غمرة هذا التصريح ، أحرقت بلدة حوارة . و الغريب في الامر ان كلماته "المسحية" قوبلت بالتصفيق الحاد عدة مرات .
بعد نحو ثلاثين سنة من تفرد أمريكا في تحكمها بالعالم و مقدراته و ثرواته و أمواله و شعوبه وأسواقه ، و حتى جغرافياته ، كما حصل مع ترامب الذي منح القدس ومعها الجولان لإسرائيل ، والعقوبات الاقتصادية المفروضة على ما يضاهي نصف العالم ، فإنه من البديهي ان نبدأ بسماع مصطلحات وحشية فاشية مرعبة من هذا الغرار ؛ المسح عن الخارطة ، و هناك دول تسهم في مسح حالها عن الخارطة ، نتيجة التخلف كما مع أفغانستان التي تغلق المدارس و تلغي أي وجود للمرأة خارج المنزل ، او نتيجة الاحتراب الذاتي في صفوف العسكر كما يحصل اليوم في السودان ، او التآمر المباشر كما مع لبنان العريق الغارق في أزماته المعيشية اليومية و الذي لا يستطيع انتخاب رئيسا له رغم مرور سنة على انتخاباته البرلمانية . او حتى فلسطين التي لها حكومتان و هي لّما تزال محتلة .