30-04-2024
broadcast
الأخبار
دولة الاحتلال ومتغيرها وفي تأثير تغييره(3/3) - بقلم ياسر المصري
06أبريل، 2023 - 12:40م

ومن الاهمية في معرض الحديث عن ما يذهب إليه مجتمع كيان الاحتلال التذكير بأن تشكيل هذه الحكومة الحالية له من الركائز في بيئة الانتخاب والإتجاه المجتمعي الكلي في هذا الكيان، خصوصا أن الانتخابات التي خرجت بتشكيل الإئتلاف الحكومي الحالي جاءت بعد فشل تمرير قانون أنظمة الطوارئ من قبل الحكومة السابقة بزعامة يئير لبيد، وهذه الانظمة التي يتم من خلالها معاملة المستوطنين معاملة الاسرائيليين في الاراضي المحتلة العام 1948، وأن هذه الانتخابات كانت الخامسة خلال أقل من اربع سنوات(2019-2022)، وما جاء في نتائج كل انتخابات في هذه السنوات هو نمو الصوت الانتخابي الذي يعزز حضور الصهيونية اليمينية، وأن المناخ الايديولوجي العام في كيان الاحتلال يعمل وفق ما يحقق لهذه الصهيونية الحضور كقوة تسعى لتنفيذ مفاهيمها ومنطلقاتها العنصرية والاحتلالية، ولعل صورة الماضي يمكنها ان تبث مرتكزات ومحددات هذه الصهيونية من حيث الاهداف والبيئة والتطلع، فبعد انتهاء حكومة الوحدة التي كانت العام 1991 بزعامة اسحق شامير تم تشكيل حكومة ضمت حزب موليدت( رحبعام زئيفي)وقد جاء انضمام هذا الحزب لتحمل الضغط الدولي الذي كان يضغط على كيان الاحتلال للذهاب إلى تسوية، ومنطلقات هذا الحزب كانت مستمدة من حركة غوش ايمونيم(1974- 1988) والتي تسند تصورها للتعامل مع الشعب الفلسطيني صاحب الارض وفق خرافة التوراة كما تعامل يوشع بن نون مع الكنعانيين القدامى بوضعه في خيارات ثلاثة أولها الرحيل وثاني الخضوع وثالثها القتال، وقد كانت تتبنى هذه الحركة ممارسة النشاطات الارهابية تحقيقا لمقولة غوش انيمونيم " في سبيل الاستيطان يجب أن تكون الحياة قاسية بل مستحيلة للفلسطينيين على امل ان يهجروا البلاد" وقد عملت هذه الحركة على معاضة الانسحاب من سيناء وفق للمعتقدات العنصرية بان سيناء أرض اسرائيلية وأن الميثاق الالهي يفرض عليهم التمسك بالارض وبناء الاستيطان عليها على اعتبار أنهم شعب مقدس زفريد زمنشؤه الهي وأن التفريط بالارض يمس الميثاق الالهي الذي وضعهم في هذه المرتبة والخاصية، وقد كان حزب الليكود ما بعد حرب الخليج لا يعارض اقامة حكم ذاتي فلسطيني في الارضي المحتلة العام 1967 باستثناء القدس، وهذه الحركة وما تفرع عنه كانت تعارض مثل هكذا طرح أو افكار وقد عملت على تشكيل تنظيمات سرية بهدف الحاق الاذى بالشعب الفلسطيني وتدمير ممتلكاته وبث الرعب والخوف به في سبيل تحقيق مقولة غوش ايمونيم لجعل الحياة قاسية ودافعة الى اللجوء والهجرة، ومن جرائم هذه الحركة مكا قامت به من اعمال قتل وتدمير (1980 – 1984) تفخيخ سيارات رؤساء بلديات(2/6/1980) وقد انفجرت عبوتين من ثلاث عبوات في نابلس ورام الله وتفكيك الثالثة، وعملت هذه الحركة على قتل ثلاثة طلاب، واصابة 30 آخرين في الكلية الاسلامية في الخليل، وكانت تعد خطة لهدم مسجد قبة الصخرة، ومخطط أخر لقتل المسافرين الفلسطينيين في خمسة باصات في شرقي القدس.
وقد لحق ذلك تشكيل تنظيم مسلح من المستوطنين أطلق على نفسه " السلامة على الطرق" وكان الهدف من هذا التشكيل تعزيز الاستيطان وايجاد قوة عسكرية للمستوطنين في الضفة الفلسطينية وتشريع هذا التنظيم، والذي تبعه تشكيل تنظيم "منظمة دولة يهودا" والهدف من هذا التشكيل المسلح والارهابي كان أنذاك هو الاعداد لإقامة دولة يهودية مستقلة عن كيان الاحتلال اذا انسحب الاحتلال من الضفة الفلسطينية تحت أي تسوية يمكن ان تكون، وقد كان أنذاك مباحثات الملك حسين مع وزير خارجية كيان الاحتلال في لندن العام 1987، والتي كان من الممكن ان تؤدي الى تسليم الضفة الفلسطينية للأردن من دون القدس وغور الاردن بحسب التصور لدى كيان الاحتلال أنذاك لقطع الطريق على منظمة التحرير الفلسطينية في تمثيلها للشعب الفلسطيني سياسيا.
وإن حكومة الاحتلال في هذه الايام تعود في تغييرها القائم لتطفي شرعية على امتداد هذه الحركة الصهيونية اليمينية بكل تفرعاتها ومنطلقاتها وأوهامها، في محاولة لإعادة أنتاج ما فشل في السابق وسيفشل في المستقبل عبر تغيير فلسطيني في الاداوات والإتجاه في ادارة الصراع مع كيان الاحتلال المتغير، وإن بن غفير وسومتريتش في سباقهم مع الوقت لتغيير بنية الاحتلال ككيان وأهداف ولحسم بعض المعيقات والاشكاليات الداخلية في الكيان من اشكالية الدين والدولة ، وإشكالية نمط التعليم بإلغاء تعليم الانجليزية والرياضيات والعلوم وغيرها من المواد التعليمية في مدارس الكيان، والاشكالية فيما يتعلق بالدولة العميقة التي يتحكم في مؤثراتها النخب الاشكنازية (الاصول الغربية)، وما يتعلق بالاستيطان وعقيدة الاساطير التوراتية في عمق مطامحها في الضفة الفلسطينية مرتكزين بذلك على المناخ الايديولوجي والرأي العام الذي ساهم في تعزيزه الصهيونية الاشتراكية والعلمانية في اعدامها لفكرة وجود حل الدولتين.
ولعل الصهيونية الدينية القائمة اليوم بكل عوامل ومناخ نموها تعمل في كيان الاحتلال على التغلب على هذه الاشكاليات السابقة بما تملكه اليوم من قدرة تشريع لم تكن تملكها فيما مضى، ومستغلة بذلك مجموعة من العوامل القائمة غير أبهة بما سيكون من تحديات كامنة في عمق الازمة التي تواجه الفلسطينيين والتي دائما ما تبدع في صقل ما يلزم للمواجهة، ولعل الماضي القريب كتجربة والبعيد مسافة في الايام ( اربعين عاما ) قد تلاشت بها امتدادات وافكار غوش ايمونيم التي تنطلق من منطلقاتها الصهيونية اليمينية هذه الايام لحظة اندلاع الانتفاضة الفلسطينية العظمى العام 1987، حيث غيرت هذه الارادة الكلية الفلسطينية عقيدة أكبر جنرالات الاحتلال (اسحاق رابين) والذي اقتنع يقينا وواقعيا كعسكري تبنى كل نظريات السيطرة والإحتواء ومحاولات تغيير الاتجاه الفلسطيني الذي كان يعزز حضوره النضالي في كافة المجالات والمناحي للحياة، وهو الذي حاول مفاوضة الاسرى الفلسطينيين في سجن النقب للبحث عن حل لا يكون ذو مضامين سياسية وبعيدا عن منظمة التحرير الفلسطينية، ليخرج بقناعة كانت راسخة لديهم بضرورة الانفصال عن الشعب الفلسطيني وأن منظمة التحرير الفلسطينية لا مفر من الاقرار بها سياسيا وتمثيليا لنضال الشعب الفلسطيني، ورافق ذلك انكسار الصهيونية اليمينية بكل تشكيلاتها ودحرها إلى ما خلف تكوينها وبحثها عن اوهام الواقع الفلسطيني يجيب على عدم قدرة هذه الصهيونية من الربط ما بين الخيال والوهم في حبل من الاستعلاء بقوة المحتل وقدراته، ولعل اليوم يعيد الماضي عبر الربط ما بين حقيقة جديدة يتشكل ميلادها عبر دفع الفلسطينيين على كل فلسطسن التاريخية لجعل هذه الصهيونية تواجه الحقيقة الواقعية والطبيعية.
وإن كان كيان الاحتلال في هذه الايام يحاول أن يعيد تصوير الفلسطيني كما يتصوره ما قبل الانتفاضة المباركة الأولى، من حيث المقاربات التالية :
الأولى أن الأفق السياسي المنعدم وعدم وجود تصور او فرصة لوجود حل للصراع وفق توافق ارادتي الصراع "ارادة الفلسطيني وارادة كيان الاحتلال"، وان التصور القائم يأتي من خلال التصور الشمولي لتأبيد الاحتلال وعدم الامتثال لحال الطبيعة التي تفرض وتكرس الوجود الفلسطيني من حيث امتداد ارث حضاري وتاريخي ممتدة عبر عصور وتاريخ لم يستطع الاحتلال بكل أساطيره المختلقة والمبتدعة من نقض هذا الارث الفلسطيني، وهذا ما يدخل التصور الى الحالة الثانية المتمثلة بان الصهيونية اليمينية تعيد تعريف الاحتلال بمفهوم جديد يتسع لكل انواع الارهاب وما ينسجم وتعريف الاحتلال كتناقض مطلق مع كل القيم الحية التي تعبر عن الحرية والإنسانية من خلال أوسع التعريفات والدلالات.
أن تكريس الاحتلال بأفكار وبعض محاولات الصهيونية اليمينية للتمدد استيطانا فأنه يكون بذلك يخلق من الازمة القائمة ( انغلاق الافق السياسي لحل الدولتين وانتهاء مسيرة التسوية بتغيير كيان الاحتلال) فأنه يخلق فرصة فلسطينية لا يستطيع الاحتلال إحتواءها(كما حدث في ميلاد الانتفاضة المباركة الاولى)، وقد يكون من فواتير التسوية التي دفعها الفلسطينيين في هذه الايام هو غرق الكل في نتائج التسوية السلبية فلسطينيا( وجود سلطة وفق التسوية ووجود معارضة تحكم وفق نتائج التسوية لجزء من المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة) ومحاولة الاحتلال اغراق الحالة الفلسطينية بحالة ليست مستقرة من الادارة عبر زيادة مساحة التباين في االجغرافيا الفلسطينية إداريا وأمنيا، غير أن هذا كله ستجيب عليها طبيعة الحالة التي تغير بها كيان الاحتلال، وتخلق فرصة ميلاد ما لم يكن متوقعا حتى من قبلنا نحن الفلسطينيين، فالانتفاضة المباركة الاولى لم يخطط لها أحد، ولم يكن ليتصورها أحد لا من قريب ولا من بعيد، وكل ملامح المستقبل لا بد أنها تحمل بحمل ينسجم مع الطبيعة التي تذهب لجعل التوازن سمة الطبيعة، فمن غير المتوقع استمرار حالة حكم الفلسطيني من قبل إدارتين متمثلات بأرادتين متناقضات (أرادة الأحتلال وأرادة الفلسطيني) وتنامي صهيونية يمينية ترى باستسلام أو برحيل أو قتل الفلسطيني حق توراتي خرافي مبنى على خزعبلات لن تنتج سوى مزيدا صلابة أكبر لدى كل جيل فلسطيني يأتي بعد جيل.
ولعل من دلالات التصور السابق وجود حالة التناقض والصراع الهادئ الذي لا يقوده من كان عليه قيادته واستثماره( النخب) وهذا الصراع الهادئ الممتد بين فكرتين، الفكرة الاولى المتمثلة بين فكرة السلطة والتي كان عليها ان تدير ادارة تعزز صمود الفلسطيني وتهيء مؤسساته لقيام الدولة وتحقيق الاستقلال، والتي فشلت حكما بما وصلت له من حالة وجود سلطة دون سلطة وحالة تباين في إدراة سلطة بين جغرافيا متباينة ومنطلقات متعارضة( وجود السلطة في الضفة وحكم حماس لغزة) وهذه السلطة التي لم تنجز أهدافها بعد ثلاثون عام على التسوية، وما تحتاجه هذه الفكرة من شرعيات لحماية وجودها وعدم تأثرها في واقع غير مستقر بما يميل بها إلى عدم وجود توازن يؤكد قدرتها على الاستمرار، وبين فكرة سلطة الفكرة والتي يحملها الجيل الحالي والذين ولدوا ما بعد وجود التسوية وقيام السلطة، وسلطة هذه الفكرة وشرعيتها واحدة وثابتة ومستقرة ما دام الاحتلال مستمرا وموجودا، ولن يستطيع أحد(جماعة او أفراد) مهما كان وكيف يكون من تجريد هذه الفكرة شرعيتها وواقعيتها وحاجتها وضرورتها، وحين فعل هذه الفكرة (سلطة الفكرة – الحرية والاستقلال) لا تستطيع فكرة السلطة الاستناد عليه فمن المؤكد أن فكرة السلطة في خطر وخطر ليس بالعادي ولن تملك من أدوات التجديد أو التجدد سوى الالتقاء مع سلطة الفكرة التي هي طبيعة وجوهرا وحدودا أوسع وأبعد من فكرة السلطة مهما كان نوع هذه السلطة.

currency أسعار العملات
30 أبريل 2024
العملة
سعر الشراء
سعر البيع
الأخبار الرئيسية
ضغوط غربية على الجنائية الدولية لثنيها عن إصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين
ضغوط غربية على الجنائية الدولية لثنيها عن إصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين
29أبريل، 2024
اقرأ المزيد
الرياض: اجتماع وزاري عربي مع بلينكن يبحث وقف إطلاق النار بغزة... وبن سلمان يلتقي عبّاس
الرياض: اجتماع وزاري عربي مع بلينكن يبحث وقف إطلاق النار بغزة... وبن سلمان يلتقي عبّاس
29أبريل، 2024
اقرأ المزيد
وزير الخارجية البريطاني: العرض المقدّم لحماس يتضمن هدنة لأربعين يومًا وتحرير آلاف الأسرى
وزير الخارجية البريطاني: العرض المقدّم لحماس يتضمن هدنة لأربعين يومًا وتحرير آلاف الأسرى
29أبريل، 2024
اقرأ المزيد
الأكثر مشاهدة
ليفاندوفسكي يحدد شرطا للرحيل عن برشلونة
ليفاندوفسكي يحدد شرطا للرحيل عن برشلونة
29أبريل، 2024
اقرأ المزيد
مواجهات مع الاحتلال في جلبون وفقوعة شمال شرق جنين
مواجهات مع الاحتلال في جلبون وفقوعة شمال شرق جنين
29أبريل، 2024
اقرأ المزيد
الآلاف يتظاهرون في
الآلاف يتظاهرون في "تل أبيب": أهالي أسيرين في غزة يحثون حكومة نتنياهو على إبرام صفقة تبادل فورا
29أبريل، 2024
اقرأ المزيد