06-06-2023
broadcast
الأخبار
إضراب المعلمين والخسائر المتراكمة! - بقلم د. عقل أبو قرع
24مارس، 2023 - 07:40م

يتواصل اضراب المعلمين الحالي، منذ حوالي خمسين يوما، في ظل أجواء عدم ثقة وتشكيك وعدم تصديق وعود ومناورات وشعارات، بين المعلمين أو الحراك والجهات التي تقود الاضراب وبين الجهات الرسمية ممثلة بوزارة التربية والتعليم أو الحكومة بشكل عام، وفي ظل هذه الاوضاع من الاخذ ومن الرد والشد والوعود والتهديدات، تتراكم الخسائر، سواء على صعيد العملية التعليمية، أو على الطلاب والمعلمين واولياء الامور وعلى مجمل العلاقات بين الاطراف المختلفة التي تدير العملية التعليمية في بلادنا.

ويتواصل اضراب المعلمين الحالي، في ظل التشبث بالمواقف، وفي ظل تصريحات لا توحي بالتفاؤل، وفي ظل تشرذم مجتمعي رهيب، وفي ظل عدم وجود جهات فاعلة وعازمة ومحايدة ان جاز التعبير، وربما قادرة على حلحلة الامور، باتجاه تحقيق الحد الادنى من الحقوق المشروعة والعادلة للمعلمين، وفي نفس الوقت الحفاظ على نوع من ماء الوجه او الاتزان للأطراف الاخرى، سواء للوزارة او للجهات الرسمية التي من المفترض ان تتعالى على ذلك، او للاتحاد أو الحراك الذي من المفترض ان يضع دائما حقوق المعلمين ومطالبهم وتوجههم وزخمهم في الاولوية، او من ناحية الجهات الاخرى التي تتستر خلف هذه الازمة وبغض النظر عن هدفها او نوعها او غايتها.

ومع أنه من غير المنطق ان يجادل او ان يشكك احد بعدالة حقوق ومطالب المعلمين، الذين يخوضون اضرابا منذ عدة اسابيع، وما رافقة من اشكالات ومن تداعيات وتصريحات وما الى ذلك، سواء اكان بين المعلمين انفسهم او الحراك وبين الاتحاد، او بين المعلمين والاتحاد والحراك من جهة والوزارة او الحكومة من الجهة الاخرى، ومن المعروف ان مطالب المعلمين هي مطالب نقابية حياتية معيشية، تدخل وبل تؤثر في صلب حياة ان لم يكن جميع المعلمين فغالبيتهم، وبالتالي فأن تحقيق مطالبهم المشروعة والعادلة والمنصفة، والتي هي ليست بالكبيرة او بالمعقدة، سوف يؤثر على المعلم، وعلى افراد عائلته، وعلى إنتاجه او على عطائة، وعلى العملية التعليمية والتربوية.

وتحقيق مطالب المعلمين، سواء من ناحية غلاء المعيشة، او من ناحية تحقيق العلاوات الاخرى، او من ناحية الراتب الاساسي، او فيما يتعلق بالترقيات والدرجات واستخدام معايير الكفاءة والتقييم والنزاهة في ذلك، حيث ان تحقيق هذه المطالب لهو من المفترض ان يكون تحصيل حاصل ولا يستدعي المماطلة والعناد والتلكؤ وسرد الحجج والاسباب، وفي نفس الوقت، لم يكن ذلك يستدعي الاضراب والمناكفات والتشاحنات وخسارة مئات الالاف من الحصص، والاهم الخسارة المعنوية للعملية التعليمية ولأطرافها.

ومهما كان الإطار الذي سوف يتم الاتفاق عليه في المحصلة وبالتالي العودة الى الدراسة، ومهما كانت النسبة التي سوف تتحقق للمعلم خلال المدى القريب او المتوسط، ومهما كانت اليات التعويض والعلاقة مع الاتحاد وغيرة، فأن ايجاد حلول جذرية لحقوق المعلمين، وبشكل هادئ وتشاركي وعملي وعلمي، لهو الاساس لأية عملية تطوير للتعليم وللتربية في بلادنا، سواء اكانت هذه عملية شكلية او جذرية، لأنه وبدون انصاف المعلم، الذي له الفضل على الجميع، وبدون اعادة الاحترام والكرامة والانصاف الى المعلم، وبدون تحقيق نوعا من الاستقرار في حياته، بدون كل ذلك، فأن الحديث عن اية عملية تطوير نوعي وجدي وجذري في التعليم في بلادنا، لن يكون مستداما او مجديا او حتى قابلا للتطبيق.

ومع عمليات الشد والجذب بين المعلمين والحكومة، من المفترض التأكيد ان الاضرابات او الخطوات الاحتجاجية هي حق كفله القانون والنظام الاساسي في بلادنا وفي بلاد اخرى، وانها ليست بالجديدة، سواء على صعيد المدارس او في الجامعات الفلسطينية، وبغض النظر عن طبيعة وحجم المطالب التي ادت وتؤدي الى الاحتجاجات، فأنها تتمحور في النهاية حول تحسين الظروف المعيشية للعاملين، او بالأدق حول الاوضاع المالية للمعلمين او للموظفين، وهذه المطالب تدور في نفس الاطار الذي دارات فيه مطالب العاملين في كل الفترات التي شهدت تحركات للعاملين سواء في المدارس او في الجامعات الفلسطينية، وبالتالي فأن نوعية المطالب واسبابها معروفه منذ سنوات، وليست وليدة هذه الفترة، اي ان هذه المطالب لم تلقى الجدية او التعامل الجدي من اجل توفير حلول جذرية لها.

ومع الخسائر المتراكمة التي يتسبب بها الاضراب، أيا كان نوع الاضراب، وبالأخص اضراب عشرات الالاف من المعلمين وبالتالي تعطيل اكثر من مليون طالب وطالبة، ومع التأكيد على عدالة واهمية المطالب التي تصب في عصب الحياه اليومية المعيشية للمعلمين ولأفراد عائلاتهم، ولكن السؤال الاهم هو لماذا تصل الامور الى حد الاضرابات وتعطيل العمل، وبدء عملية شد الحبل بين الاطراف، مع العلم انه معروف ان هذه المطالب مشروعه، وبأنه كان من المتوقع ان يصل الوضع الى ما وصل اليه، فلماذا لم توجد اليه للتنسيق وللتشاور، وبالتالي استكشاف الامكانيات ووضع التصورات وبهدوء وبعيدا عن التهديدات والبيانات والاعلام، وبالتالي الخسائر المتراكمة.

وفي هذا الاطار، فانة لا عجب ان توفير حلول جذرية للعملية التعليمية، وفي مركزها قضايا وحقوق المعلمين، شكل ويشكل الاساس لتنمية وتقدم المجتمعات، ومن الامثلة الحديثة على ذلك، هو ما حدث ويحدث في دول ومجتمعات قريبة منا، من تقدم وتطور وبأنواعه المختلفة، ولا عجب اذا علمنا ان بند او حصة " التربية والتعليم" في دولة مثل تركيا، تشكل البند الاول من ميزانية الدولة، اي ان اعلى حصة من الميزانية يتم تخصيصها الى " التربية والتعليم" وبالطبع المعلمين هم الاساس في عملية التربية والتعليم، وما ينطبق على "تركيا" ينطبق على الكثير من الدول، القريبة والبعيدة عنا، والتي حققت وتحقق نموا وتقدما مستداما، حيث حققت التطور النوعي والجذري في العملية التعليمية، والتي شكلت وتشكل الاساس لنوعية ومدى التقدم والتنمية في المجتمع

وبدون الخوض في تفاصيل بنود الميزانية، وتوزيع نسبها واولوياتها في بلادنا، وبدون الخوض في تفاصيل الايرادات والنفقات والمنح والتبرعات، وبدون الخوض في تفاصيل العجز المتراكم في الميزانية العامة منذ سنوات، اليس مثلا من الممكن زيادة نسبة 5% مثلا في ميزانية التربية التعليم، واليس من الممكن اقتطاع هذه النسبة مثلا، من ميزانيات او بنود اخرى في اطار الموازنة العامة، وان لم يكن ذلك ممكنا، اليس من الممكن زيادة الايرادات بشكل منصف وترشيد النفقات وبشكل عقلاني من اجل هذه الحصول على هذه الزيادة في ميزانية التعليم، واليس من الممكن الاستثمار في قطاعات انتاجية من قبل الحكومة او بالشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، سواء في الزراعة او الصناعة او السياحة، من اجل زيادة نسبة ميزانية " التربية والتعليم" ولتكن هذه الزيادة وبشكل اساسي لتلبية حقوق والالتزامات المنصفة نحو المعلمين.

وفي بلادنا، نعرف ان التعليم، بدأ من الصفوف الاولى وحتى التوجيهي،  يشكل جزءا اساسيا من حياتنا، وان الاقبال على التعليم شكل فخرا للكثير من الافراد والعائلات، وان نسبة الامية في بلادنا تكاد لا تذكر، وبالأخص عند الاجيال الحالية، وبأنه يوجد اكثر من مليون طالب يلتحقون بالتعليم المدرسي، وبـأن هناك حوالي 40 الف معلم ومعلمة ، يبذلون جل جهودهم من اجل العطاء وتربية الاجيال، رغم القيود وضعف الامكانيات والاولويات والمصادر المتاحة، ولكن ومع الادراك الذي لا يجادل فيه احد لأهمية التعليم والمعلمين، اليس بالأحرى وانطلاقا من الازمة الحالية، التي نأمل ان تنتهي بأسرع وقت، اليس من المجدي العمل لإيجاد حلول جذرية، مستدامة، عادلة، وتلقى قبول الناس والمجتمع، لقضايا المعلمين.

ومع انتظار حلحلة ازمة اضراب المعلمين، والامل ان تكون بأسرع ما يكون، فأننا تعلمنا من التاريخ ومن الاحداث ان العديد من الازمات الصغيرة قد شكلت الارضية او الاساس من اجل ايجاد حلول جذرية لازمات او لأوضاع متراكمة، او بمعنى اخر لإيجاد علاجات جراحية وليست موضعية لأوضاع تراكمت وتتراكم مع الزمن خلال السنين بدون العمل لإيجاد حلول مستدامة لها، ومن الامثلة على ذلك ازمة اضراب المعلمين الحالية، والتي تعكس اوضاع غير طبيعية، تتمثل في اوضاع عدالة او موضوعية توزيع بنود المصادر والامكانيات والميزانية العامة والاولويات والنظرة بعيدة المدى الى التنمية والتقدم التي نطمح لها.

currency أسعار العملات
06 يونيو 2023
العملة
سعر الشراء
سعر البيع
الأخبار الرئيسية
نابلس.. الاحتلال يغلق حاجزي حوارة وزعترة بزعم تعرض مستوطن للدعس
نابلس.. الاحتلال يغلق حاجزي حوارة وزعترة بزعم تعرض مستوطن للدعس
05يونيو، 2023
اقرأ المزيد
إصابات بالاختناق خلال مواجهات مع الاحتلال في جنين
إصابات بالاختناق خلال مواجهات مع الاحتلال في جنين
05يونيو، 2023
اقرأ المزيد
مجلس الوزراء يصادق على الإحالة النهائية لصوامع القمح على ائتلاف شركات محلية وعربية
مجلس الوزراء يصادق على الإحالة النهائية لصوامع القمح على ائتلاف شركات محلية وعربية
05يونيو، 2023
اقرأ المزيد
الأكثر مشاهدة
اسعار صرف العملات
اسعار صرف العملات
06يونيو، 2023
اقرأ المزيد
3 أبراج أكثر روحانية وحساسية.. القوس يتمتع بالشفافية
3 أبراج أكثر روحانية وحساسية.. القوس يتمتع بالشفافية
06يونيو، 2023
اقرأ المزيد
واتساب يبدأ طرح تخطيط جديد لمستخدمى الإصدار التجريبى من أندرويد
واتساب يبدأ طرح تخطيط جديد لمستخدمى الإصدار التجريبى من أندرويد
06يونيو، 2023
اقرأ المزيد