بقلم : أحمد حفناوي
كان ذلك في لقائنا الأول منذ تسعة أعوام، في الوقت الذي كان البعض يلجئ للنار للتخلص من النفايات في العديد من محافظات الوطن، التقيت به لمناقشة خطته الريادية لإدارة النفايات في المحافظة التي تستقبل مليوني سائح من كافة أرجاء العالم. وكان بكل شغف يطرح أفكاره ومشاريعه لتوليد الغاز والطاقة من النفايات، وإعادة تدوير المخلفات الطبية والإلكترونية، ولا أنسى جملته حينئذ " الناس في بلدنا بتحرق الحاويات ومش عارفين إنهم بحرقو مصاري ممكن نطور فيها البلد".
تولى مسؤوليات بحجم المحافظة وأكثر، ولم يقتصر دوره على تحمل مسؤولية نظافة بيتنا الكبير فحسب، بل وعمل على تغيير ثقافة شعب بأكمله ممارسة وفكرًا.
لا أنسى انفعاله واستياءه حين كان ينعت أحدهم عامل النظافة بـ " الزبال"، كانت أشد وقعًا عليه من سب الذات الإلهية، وفرض على الجميع احترام من يتولوا مسؤولية نظافة حاراتنا وشوارعنا ومدينتا ليل نهار، وأن نتخلى عن التفكير الطبقي حين نتعامل مع هذه الفئة الكادحة من الناس.
قلائل من نافسوه في ترجمة الانتماء الوطني إلا ممارسات ومشاريع وأفكار ريادية، ولم يكن حالمًا في وطن يرتقي لمستوى تاريخه فحسب، بل عمل مع الجميع لتحقيق هذه الأحلام، ولم يتغيب عن أي ورشة أو مؤتمر أو لقاء تناقش فيها خطط تطوير البلد، حتى بعد أن أصابه المرض اللعين، استمر في العمل على خطته لتحويل مكبات النفايات العشوائية لحدائق عامه تجمل حياتنا وتورث أجيال المستقبل وطنا وبيئة أجمل.
كان قائدًا ميدانيا وفكريًا أينما حط وفي كل ما فعل، وستبقى شهادتنا به مجروحة وصعبة الالتئام. وسبق العديد منا في العمل الدءوب لمستقبل أفضل برغم مرارة الحاضر.
ترك لنا الكثير لنعمل، ومن باب الوفاء له ولوطنه الذي أحب تقع على العديد مسؤولية أن يكملوا دربه الذي اختار وخدم حتى الرمق الأخير.