بقلم: مايك سلمان

سألوا جحا قالوا: ما رأيك بالسياسة الاقتصادية التقشفية التي أعلنت عنها حكومتنا الرشيدة في دولة جزر ستان الحرَّة المستقلَّة منذ تكليفها؟

فقال لهم جحا: لقد تبنَّت الحكومة العتيدة منذ تكليفها سياسة اقتصادية تقشفية رشيدة جداً مبنية على أفق اقتصادي واعد ومبشر.

فقالوا له: نريدك يا جحا أن تضعنا في صورة الخطة وأن توضح لنا معالمها بإسهاب.

فقال جحا: نظراً للضائقة المالية التي تمر بها البلاد، عقدت الحكومة المكلفة اجتماعاً طارئاً لتدارس الوضع وبَحْثِ حيثيات الأزمة المالية الخانقة التي سببها الحصار الاقتصادي والمالي الذي تتعرض له دولة " جُزُر ستان الحرَّة المستقلة" وكيفية ترشيد المصروفات من أجل الخروج من هذا المأزق وحل المشكلة الاقتصادية المستفحلة حلاً جذرياً. وفي نهاية الاجتماع تم تبني خطة طوارئ اقتصادية تقشفية.

فسألوه: يا جحا على ماذا تعتمد هذه الخطة التقشفية؟ 

قال لهم جحا : إن من أهم البنود التي تبنتها الحكومة اعتماد مبدأ الشفافية والمساءلة، حيث تم الإيعاز إلى وزير المالية تفعيل لجنة العطاءات والتقيد بهذا المبدأ نصاً وروحاً ضمن السياسات والتعليمات المتَّبعة واللوائح الإدارية والمالية خاصة عند إجراء عمليات الشراء والصرف إلَّا في بعض الحالات الخاصة!!!

إضافة الى ضرورة الإفصاح عن حجم الإيرادات والمصروفات ومن ضمنها الرواتب وأن يتم نشر التقارير المالية حتى يتمكن المواطن من الاطلاع عليها أولاً بأول مع منحه الحق في الاستفسار عن أي بند من بنود الموازنة والحرص على كل معلومة أو استفسار يطلبه مع الابقاء على بعض الاستثناءات السرِّية المتعلقة بالأمن القومي.
فقالوا له وماذا عن البنود الأخرى في الخطة التقشفية يا جحا ؟!!

أكمل جحا حديثه وقال: أما بالنسبة إلى البنود الأخرى في هذه الخطة فهي متعددة وأذكر أهمها:

1-    تجميد التعيينات الجديدة ويستثنى من هذا القرار أبناء المسؤولين الكبار جداً وأقاربهم وأصدقاؤهم من عظام الرقبة.
2-     استحداث رسوم وضرائب جديدة ورفع أسعار السلع والخدمات وبالتالي رفع الإيرادات وزيادتها مما يعود على الخزينة بالفائدة الكبرى.
3-     تخصيص ميزانيات لاستخدامها في المستجدات التي تطرأ على المناخ السياسي والبروتوكولي.
4-    التنكر لالتزامات وزارة المالية المستحقة للقطاع الخاص، وحتى لو تم تدمير هذا القطاع وانجرافه إلى الهاوية، فإن مشكلتهم تصبح شأناً خاصاً بهم، لذلك تمت تسميتهم بالقطاع الخاص.
5-     شراء سيارة فخمة تحتوي على الإضافات والميِّزات ووسائل الأمان الكفيلة بضمان سلامة الوزراء وأمنهم وتخصيص الميزانيات اللازمة بدل السفر والإقامة والحرس والسائق الخاص والمرافقين.

فقال الجمع لجحا: نحيي الوزراء الجدد على الخطة الاقتصادية الرشيدة وعلى تواضعهم وتنازلهم لهذا الحد وحرصهم على المال العام خدمةً للوطن ورِفعَة شأنه.

فقال لهم جحا: نعم إخوتي وأصدقائي هذا كرم من أصحاب المعالي الحريصين كل الحرص على الظهور بشكل لائق أمام الحكومات الصديقة في المجتمع الدولي إذ لا يُعقل أن يكون الوزير بدون سيارة وبدون امتيازات ولهذا سُميَ "وزيراً".

فهتف الجمع بكل غبطة وسرور تحيا الحكومة تحيا الحكومة وهمّوا بالمغادرة.

فقال لهم جحا: أين أنتم ذاهبون فأنا لم أكمل بعد باقي بنود الخطة الاقتصادية.

فقالوا له: "المكتوب مبيِّن من عنوانه " يا جحا العزيز الغالي يكفيك عناء الشرح لباقي البنود وغادروا جميعاً وهم يتمتمون باستخفاف ويتهكمون.

ملحوظة: " دولة جزر ستان" كناية عن عدم التواصل الجغرافي بين المدن في الدولة المزعومة وغياب السيادة والحدود المعترف بها.