15-04-2024
broadcast
الأخبار
ابراهيم عبدالله حنا حزبون .. صاحب امتياز استخراج الملح من البحر الميت في العهد العثماني
23يناير، 2022 - 07:19م

بقلم: الكاتب مايك سلمان

ولد ابراهيم عبدالله حنا حزبون في مدينة بيت لحم بتاريخ 29/12/1878 وهاجر في مقتبل شبابه إلى " هاييتي" مثله مثل عديد من شباب مدينة بيت لحم ممن هاجروا إلى الأمريكيتين بحثاً عن فرص أفضل في السعيخلف الرزق وبالتالي الاستمتاعبظروف معيشية أفضل.

واستطاع في "هاييتي" أن يجمع ثروة طائلة ليعود بعدها الى مسقط رأسه بعد أن تزوج من ماريا لوسياني من مواليد سان دومينيغو بتاريخ 16/6/1913 . وبتاريخ 13/5/1932 توفيت زوجته بعد أن أنجبت له طفلة وحيدة أسمياها 
"أولغا" والتي تزوجت من بشارة ابراهيم سليمان عبد ربه من مدينة بيت جالا بتاريخ 2/9/1934.

كان ابراهيم رجلاً ذا طموحات كبيرة للغاية، وكان يتوق دوماً الى لقاء كبار المسئولين العثمانيين، حيث ذكر المرحوم عيسى ابراهيم حنضل (وهو زوج ابنة أخت إبراهيم حزبون)، بأنه سعى إلى إقامة علاقة خاصة مع جمال باشا (الصغير)، واستمر في تحيُّن الفرص حتى سنحت له الظروف بذلك في عام 1915.

فبينما كان جمال باشا عائداً من بلدة الظاهرية قضاء الخليل إلى مدينة القدس، ولدى وصول موكبه مع حاشيته إلى مشارف المدخل الجنوبي لمدينة بيت لحم، تعطل أحد دواليب العربة التي كان يستقلها فانقلبت العربة، وما أن بلغ مسامع ابراهيم الخبر، حتى توجه مسرعاً الى الموقع وبكل جرأة وبدون تردد قام بدعوة جمال باشا لمرافقته إلى بيته للحصول على قسط من الراحة ريثما يتم الانتهاء من تركيب الدولاب للعربة، وإجراء الصيانة اللازمة لهاكي يتمكن من متابعة المسير إلى مقر إقامته في القدس.

وبالفعل وافق جمال باشا على مرافقته إلى بيته للاستراحة، وقام إبراهيم بإرسال فني من أبناء بيت لحم يجيد صيانة العربات، وهناك في منزله الكائن في حي المدبسة أحسن ابراهيم ضيافة الباشا. وبعد الانتهاء من تصليح العربة شكر جمال باشا إبراهيم حزبون على كرمه وحسن ضيافته، وعرفاناً منه بالجميل دعاه إلى زيارته في مقر إقامته بمدينة القدس في أقرب فرصة ممكنة.

وبعد أيام قليلة رد ابراهيم الزيارة إلى جمال باشا بحضور الكلغاصي " وهو أكبر موظف دولة تركي في فلسطين في ذلك العهد". وطلب جمال باشا من الكلغاصي أن يساعد إبراهيم وأن يلبي له كل طلباته واحتياجاته. كان ابراهيم يطمح في الحصول على امتياز استخراج الملح من البحر الميت، فانتهز هذه الفرصة وفوراً وبلا تردد أكد على رغبته في امتلاك هذا الامتياز، وبالفعل تحقق ذلك بمساعدة وتوصية من جمال باشا الكلغاصي معاً، حيث حصل على فرمان " مرسوم" من السلطان العثماني منح فيه إبراهيم امتياز استخراج الملح من البحر الميت. 

ويذكر المرحوم أيوب مسلم رئيس بلدية بيت لحم سابقاً بأنه إضافة إلى امتياز استخراج الملح من البحر الميت ، كان إبراهيم يملك عدة قوارب معدَّة للإبحار من الشاطئ الغربي للبحر الميت إلى الشاطئ الشرقي وبالعكس، ويؤكد أنه عند عودته عام 1920 مع والديه من الكرك إلى بيت لحم، اتجهوا براً عبر عين سارة إلى منطقة اللسان على الشاطئ الشرقي للبحر الميت حيث عبروا البحر في أحد القوارب التي كان يمتلكها ابراهيم الى الشاطئ الغربي شمال عين الفشخة ومن ثم أكملوا سفرهم براً إلى مدينة بيت لحم.

وما أن اشتعل فتيل الحرب العالمية الأولى عام 1914 بين دول الحلفاء ودول المحور، شعرت الحكومة العثمانية بالاستياء من العديد من شخصيات بيت لحم نظراً للعلاقات الوطيدة التي كانت تربط بينهم وبين العديد من الشخصيات الغربية، بحكم معرفتهم العديد من اللغات وعلاقاتهم التجارية مع هذه الدولوتوريد بضائعهم من التحف الشرقية من الصدف وخشب الزيتون التي اشتهرت بيت لحم في صناعتها آنذاك، واعتبرت الحكومة العثمانية هذه العلاقات خطيرة على الإمبراطورية العثمانية وتشكل تهديداً بالغا على أمنها ومصالحا. مما دعا إلىإصدار أحكاماً بالإعدام على العديد من أبناء المدينة.

ولما بلغ رجل الاعمال المرحوم سليمان جاسر عمق العلاقة التي تربط بينجمال باشاوإبراهيم حزبون ، طلب منالأخير الوساطة بدعوة جمال باشا إلى وليمة غذاء في قصره المعروف بقصر جاسر (الذي يقع لغاية اليوم على شارع القدس – الخليل)، عساه يتكرم ويصدر فرماناً "مرسوم" يمنح فيه العفو العام عن المحكومين من أبناء المدينة.

وبالفعل حضر جمال باشا الوليمة التي أقيمت على شرفه وخلال حفل الغذاء قام إبراهيم بإلقاء كلمة ترحيب مدح فيها الباشا وقدم له كتاب استرحام يدعوه للتكرُّم بمنح العفو العام لأبناء بيت لحم المحكومين وإطلاق سراحهم،حيث تكللت جهوده بالنجاح.

وبعد أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها عام 1917، ومع انتصار الحلفاء " بريطانيا وفرنسا " وهزيمة دول المحور " المانيا وتركيا"، انسحب الجيش العثماني من بلاد الشام، ودخل الجيش البريطاني إلى أرض فلسطين في أوائل عام 1918 معلناً الاحتلال العسكري لهذه البلاد المقدسة، وبعد مرور عامين على الاحتلال البريطاني وبالتحديد في عام 1920 أعلنت بريطانيا عن انتهاء الحكم العسكري وإقامة حكم مدني في البلاد، وفور الإعلان عن بداية مزاولة حكومة الانتداب البريطاني نشاطها في فلسطين، عيَّنت السير هيربرت صموئيل وهو أحد زعماء الجالية اليهودية في بريطانيا "كأول مندوبٍ سامٍ" على هذه الأرض المقدسة.

وما أن تسلّم هيربرت صموئيل مقاليد السلطة في البلاد حتى شرع بالعمل بلباقة وذكاء ودقة لتحقيق بنود وعد بلفور وصك الانتداب سعياً إلى خدمة الأهداف الصهيونية وإنجاح المشاريع الكفيلة بتحقيق بناء الوطن القومي لليهود في فلسطين، تنفيذاً لما نصّت عليه المادة 2 من صك الانتداب "والتي تقضي بوضع فلسطين في أحوال اقتصادية وإدارية وسياسية تساعد على نجاح مشروع الوطن القومي اليهودي فيها".

ولسوء حظ إبراهيم حزبون، فقد عمد المندوب السامي منذ بداية ولايته إلى سحب امتياز استخراج الملح من البحر الميت من يده وتجريده منه. مما دعاه الى ملاحقة الموضوع قضائياً في المحاكم المختصة في البلاد وعلى جميع المستويات دون جدوى، فاضطرَّ إلى السفر إلى بريطانيا حيث أقام دعوى قضائية في المحكمة العليا في لندن إيماناً منه بحقه في استرداد هذا الامتياز، غير أن جهوده جميعها باءت بالفشل، ويذكر السيد ادوارد أنطون عيسى حزبون " وهو حفيد أخ إبراهيم عيسى حزبون" بأن إبراهيم لم يكل من المطالبة بحقه ومن ملاحقة الموضوع في محكمة العدل الدولية(The Hague) في هولندا أيضاً، واستمر في متابعته للقضية حتى فقد معظم ثروته، مما اضطره مكرهاً إلى التخلي عن حقه في ملكية هذا الامتياز في أواسط الثلاثينات من القرن العشرين تقريباً. 

وبعد تخليه عن امتياز استخراج الملح من البحر الميت، وقع اتفاقية مزارعة مع دير المسكوب الكائن في كفار عصيون حيث عمل في زراعة الأراضي وأشرف على صناعة العرق والنبيذ على أنواعه في مصنع الخمور التابع للدير، إلى أن استشهد مع أخته وولديها في معركة كفار عصيون، حيث يذكر المرحوم يوسف إبراهيم حزبون أنه بينما كان موكب الجيش العربي بقيادة غلوب باشا عائداً من مدينة الخليل باتجاه مدينة القدس، ولدى بلوغ الموكب إلى كفار عصيون، أُطلِقَت عيارات نارية على الموكب من موقع قريب من الدير الذي كان يعيش ابراهيم فيه، فأمر غلوب باشا جيشه بقصف مصادر النيران بالمدفعية، فدارت معركة بين الجيش العربي ونفر من العصابات الصهيونية المستعمرة ، أصيب خلالها البيت الذي يعيش فيه ابراهيم إصابة مباشرة أدت إلى استشهاده مع أخته وولديها. وعندما بلغ الخبر أبناء مدينة بيت لحم، قام جمع غفير من أبناء المدينة بالتوجه في موكب ضخم لنقل الجثامين إلى كنيسة  المهد للصلاة عليهم ومن ثم توجه الموكب إلى مقبرة اللاتين في شارع مغارة الحليب، حيث ووريت الجثامين الثرى في جنازة جماعية مهيبة بتاريخ 13/5/1948 علماً بأن مدينة بيت لحم لم تشهد مثيلاً لهذه الجنازة من قبل.

 

* نشرت المقالة في بداية تسعينات القرن الماضي في "مجلة بيت لحم" التي كانت تصدرها الجمعية الأنطونية الخيرية البيتلحمية.


 

currency أسعار العملات
15 أبريل 2024
العملة
سعر الشراء
سعر البيع
الأخبار الرئيسية
عشرات المستعمرين يقتحمون المسجد
عشرات المستعمرين يقتحمون المسجد "الأقصى"
15أبريل، 2024
اقرأ المزيد
محكمة الاحتلال تصدر قرارا بإخلاء ثلاث أسر من منازلها في الشيخ جراح
محكمة الاحتلال تصدر قرارا بإخلاء ثلاث أسر من منازلها في الشيخ جراح
15أبريل، 2024
اقرأ المزيد
استشهاد شاب وإصابة آخرين أحدهما بجروح حرجة خلال مواجهات مع الاحتلال في نابلس
استشهاد شاب وإصابة آخرين أحدهما بجروح حرجة خلال مواجهات مع الاحتلال في نابلس
15أبريل، 2024
اقرأ المزيد
الأكثر مشاهدة
القائد مروان البرغوثي يدخل عامه الـ23 في سجون الاحتلال
القائد مروان البرغوثي يدخل عامه الـ23 في سجون الاحتلال
15أبريل، 2024
اقرأ المزيد
اعتقالات باقتحام الاحتلال مناطق متفرقة من الضفة
اعتقالات باقتحام الاحتلال مناطق متفرقة من الضفة
15أبريل، 2024
اقرأ المزيد
الاحتلال يفرج عن 150 أسيرًا من غزة
الاحتلال يفرج عن 150 أسيرًا من غزة
15أبريل، 2024
اقرأ المزيد