بقلم: حمدي فراج
فسّر اصحاب اتفاق الانتخابات انها ليست هدفا بحد ذاتها ، بقدر ما هي مقدمة عملية فعلية لانهاء الانقسام بين الحركتين الحاكمتين في كل من الضفة والقطاع ، وقد يكون هذا اجتراحا مغامرا و اقتراحا نهائيا بعد ان فشلت كل جهود المصالحة بين الفريقين .
ولا يأتي هذا المقال في سياق تفضيل فريق على فريق بالفوز ، على اعتبار ان الحركتين فائزتان لطالما انهما اتفقتا على قائمة موحدة ابقيتاها مفتوحة لمن يريد الانضمام . لكن اي من الحركتين ، لم تقدم صيغة اعتذارية واحدة ، منفردة أو مشتركة ، عن أخطائهما في الانقسام والاقتتال والتشرذم الذي ضرب مفاصل اساسية في مداميك الشعب والوطن والقضية على مدار خمس عشرة سنة .
تعرف الحركتان ان الشعب الفلسطيني في السنوات العجاف الاخيرة ، قد أخذ عليهما كل مأخذ ، ووصل الى حالة من فقدان الثقة بالاخطاء التي ارتقت في بعض الاحيان الى مستوى الجريمة المنظمة يتم ارتكابها مع سبق الاصرار والترصد ، من على شاكلة الاعتقالات السياسية بحق مناضلين هناك وجهاديين هنا ، اغلاق منابر صحفية واعلامية ، ما زال بعضها مغلقا حتى اليوم ، حملات تحريض رعناء و صلت حد التخوين ، تحويل منابر مساجد الله لاستغلال بهيمي لا ينطلي على عباد الله كي يظنون انه ينطلي على الله ، فساد وجد في الانقسام تربته الخصبة فنما بأمان وترعرع بثقة حتى اصبح منتشرا مستشريا ، يتجاوز اشكاله المعهودة ، الى الرشوة والواسطة والاستئثار والكذب والاستغلال والاستقواء والتملق والمنح طال معظم مناحي الحياة ، كالقضاء والتعليم والصحة والسفراء وبعثات الحج والعمرة ، ووصل الامر بالفاسد أن يأخذ على المستقيم استقامته . فمن هو المسؤول عن كل هذا ، وكيف يمكن الحصول على ثقة الناس وأنت كمرشح لم تعتذر ولم تغير شيئا باستثناء لون ربطة العنق وشكل اطلاق اللحية . ما الذي يضمن لطالما انك لم تعتذر عما اقترفت يداك ، ان لا تعيد الكرّة ، فترتكب ما ارتكبت من قبل ، واذا كان الفساد مقتصرا على ابن هذه الحركة سيصبح مشتملا على ابناء الحركتين مجتمعتان وبموافقة القيادتين المتحالفتين .
في علم الجدل الفلسفي ، يصبح الرئيسي ثانويا والثانوي رئيسيا ، فقد ظهر تقرير صادر عن الادارة الامريكية الجديدة عدم تحمسها للانتخابات من باب ان المتشددين اقرب الى الفوز ، وان المعتدلين اقرب الى الانقسام ، وذكروا تيار مروان وتيار دحلان ، ثم تساءل التقرير بشكل استنكاري : وهل اذا خسرت حماس هل تسلم سلاحها للفائزين ؟ وهل هي اذا وافقت على التسليم والانصياع ، هل ستسمح بقية الفصائل بذلك . إذا كان ترامب سليل الديمقراطية العريقة والعميقة ، قد تمرد على النتائج وطعن في عمليات الفرز ورفض ان يأتي لحضور مراسيم تتويج خليفته .
إن عدم الاعتذار قد يقود الى التكرار ، فلا انقساما انهينا ولا انتخابات حقيقية أجرينا ، ما حصل معنا في اتفاقية اوسلو اللعينة ؛ لا على ثورة أبقينا ولا على دولة ح صلنا .