بقلم: حمدي فراج
سقطت الدولة العربية الثانية في براثن اسرائيل خلال اسابيع ، وستسقط الثالثة والرابعة ربما خلال أيام ، وفي اقصى تقدير قبل الانتخابات الامريكية اوائل تشرين ثاني القادم ، اي بعد اقل من شهرين ، تحت شعار القرار السيادي للدولة ، ووفق ما قاله الشاعر المصري الكبير عبد الرحمن الابنودي باللهجة العامية " كل دولة ثلاثة متر ، عامله فريق / قال ده اخويا اللي لعدوي ، أعز صديق" .
وبمناسبة حضور الشاعر الكبير عبد الرحمن الابنودي ، يحضر السؤال الملح ، لماذا لم تقرأ القيادة الفلسطينية هذا الشاعر الذي تنبأ باللحظة الراهنة الفاجعة بسقوط دولتين شقيقتين تبنينا الدفاع المستميت عنهما وعن موقفهما وشرفهما وعزتهما وعروبتهما .
لقد كشفت الوقائع المتسارعة ، أن المسألة ليست مسألة "سلام" مع اسرائيل ، إذ لم يكن هناك حربا بينهما ولا حدود مشتركة ، ولو كانت مملكة البحرين او الامارات فخذا في قبيلة ، لانتظرت قليلا لكي تطمئن الى أمان السلام مع هذا الكيان الغاصب لأراضي خمس دول عربية هي فلسطين والاردن ومصر وسوريا ولبنان منذ خمسن سنة . وإذا ما اعتبرنا ان فعل الاغتصاب لا يقتصر على المعنى الشائع فقط ، فهناك أفعال اغتصابات أخرى تعاني منها الكثير من دول العالم الثالث في قارات العالم المختلفة ، وكما عبر عنه احد زعماء افريقيا من ان الاستعمار خرج من الباب ولكنه عاد ليقفز من الشياك .
تشير وقائع "السلام" بين الدولتين الخليجيتين وبين اسرائيل ، الى انه تشكيل حلف عسكري حربي متشح بمئتي رأس نووي لإزالة ايران عن الخارطة ، ومعها حزب الله في لبنان ، وحركة حماس في غزة ، ولا بأس من الاجهاز على نظام الاسد الجريح في سوريا قبل ان يتشافى . بعدها يأتي من تبقى من الفلسطينيين خانعين راكعين تحت الشعارات المعهودة التي لجأوا الى بعضها وقت توقيع اتفاقية اوسلو .
واهم من يظن ان الحلف الاسرائيلي العربي "الصهيوني الرجعي" بما تعنيه المفردتان : الصهيونية العالمية ، والرجعية الاميرية ، سيستثني الفلسطينيين من أهدافه ، "فالضم" على الطاولة كما صرح نتنياهو أكثر من مرة حتى بعد اعلان الاتفاق مع الامارت التي ادعت انها لجأت الى السلام من اجل إلغائه ، أما اللاجئون والقدس فقد طويت صفحتهما وأزيلتا عن الطاولة .
الابنودي ، الذي صور "العروبة" ، على حقيقتها بأبشع وأغلظ الصور ، يوم قال : القدس قدسي / فاكراني شايل صراخ اليتامى ولوعة المساكين / فاكراني كفن الشهيد وخيمة اللاجئين / تجيني وتبوسني / وتملّس على خدودي / هاربة بـ حدودها ، تتحامى بحدودي / تبكي على صدري ، وتنزف على عودي / لّمي جناحك وارجعي تاني / لا تصدقي قولي ، ولا تأتمني أحضاني / نامي في حضن العدو ، هوّه العدو الاول / وخافي قوي من العدو التاني / الافعى ورا ضحكتي والموت في أسناني / يا قدس ، قولي لحيطانك اثبتي بقوة / حيخلصك ابنك ، اللي انا منيش هوّ / لا تبحثي عن حلول ، الحل من جوّا .