18-06-2023
broadcast
الأخبار
تسقط الأجساد منهكة، ولكن المبادئ تصمد شامخة.
13يونيو، 2020 - 09:11ص

بقلم: مايك سلمان

مأساة تجر أختها وما فتئت دولة الاحتلال في انتهاكاتها اليومية للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن والجمعية العمومية للأمم المتحدة، ولا زالت تتفنن في شرعنة ممارساتها القمعية بقوانين عنصرية وبمشاركة غالبية ألوان الطيف السياسي فيها، وما انفكت تتصرف وكأنها فوق القانون وغير خاضعة لأي محاسبة أو ملاحقة قضائية من قبل المحكمة الجنائية الدولية والمؤسسات الحقوقية الدولية الأخرى. وهذا سبب رئيس يجعلها تتمادى في تجاوزاتها تجاه أبناء شعبنا وأسرانا البواسل الذين لا زالوا يقبعون خلف القضبان، ويعانون من نير التحقيق في زنازين القمع الاحتلالي العنصري المُسْتَنكَر والمدان. 
وتدور عجلة الأيام، ولا يزال عدوّنا الغاشم يزرع في بيوتنا الرعب والألم والموت، ورغماً عنه فإن بذور الحياة تنبت وتزهر في مرابعنا، ويفوح منها شذا الحنين للوطن في أفئدتنا، وتمضي حاملة معها جروحاتها الأليمة  وعدالة قضيتنا، بحثاً عن ترياق  قادِر على تضميدها، ويصفن أبناء هذا الوطن متأملين في عمق الجراح ولا يجدون سوى الحرية دواءً ناجعاً، ينهي جور الاحتلال ويحرر أسرانا البواسل جميعا على طريق الاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على كامل التراب الفلسطيني المحتل عام 1967.
وتتسارع الأحداث تباعاً وتتعارك في سجال ما بين مد وجز، وتتصاعد معه أساليب القمع وتتفنن إدارة السجون في التنكيل بأسرانا لفترات،  وأحياناً أُخَر يخبو قمعهم الجائر ولكن  لفترات قصيرة جداً. وتتسرب بين الفينة والأخرى أخبار ساخنة ملتهبة كشمس آب الحارقة، ومُرّة كالعلقم البعلي، وقاسية كحجر الصوان، وأحياناً أُخَر تكون حمراء قانية تسيل دافقة مع كل جرح عميق نازف في جراح الأسرى نتيجة القمع الممنهج والتعذيب المتواصل في زنازين التحقيق، وكم تسببت هذه الزنازين البغيضة في استشهاد العديد من أسرانا الأبطال. 
وتتوالى الأخبار خارج المعتقلات عن المعاناة الجارفة التي يعاني منها أبناؤنا المعتقلين، فتخترق جدار الصمت الذي شيده الإحباط بسبب اللهث خلف لقمة العيش، وتقرع أبواب أفئدتنا لتذكرنا معاناة أبنائنا المعتقلين وهم يعانون الجوع والتجويع، والإهمال والتهميش، بهدف التركيع، وهذا يحملهم في كثير من الأحيان على الإعلان عن خوض غمار معركة الأمعاء الخاوية احتجاجاً على تلك الممارسات الظالمة، ورغم ذلك كله فإن صمودهم وإصرارهم على كسب المعركة متسلحين بالمبادئ ومتمسكين بإيمانهم  وكرامتهم وعزتهم يجسد ملحمة نضالية بطولية غير آبهين إن دفعوا ثمنا باهظا يقودهم في كثير من الأحيان إلى درب الشهادة. وأما نحن فعزاؤنا الوحيد في إلحاحهم وإصرارهم على مواقفهم وحقوقهم المشروعة بصبر وصمود وكبرياء، خاصة عندما يتدفق نبضهم الحي رجولة وإيباءً ليعلنوا بإقدام  وهتافٍ عالٍ " نموت واقفين ولا نركع"، ويزداد تحدي الأسرى للجلاد رغم جوعهم وعطشهم، وأحياناً قد يسقط الجسد منهكا، فيتم نقلهم إلى مستشفيات الاحتلال العسكرية، ولكن المبادئ تصمد شامخة، كشجرة الزيتون المزروعة في أرض الآباء والأجداد، ويبقى الأمل في الصمود والتصدي للعنجهية المفرطة للسجان الغاصب عنوان المعركة. 
ولعل الدافع الوطني الحر هو أهم واعز كي يتحرك أبناء مجتمعنا الفلسطيني بالالتفاف حول قضية الأسرى وعدالة مطالبهم وحقوقهم التي تنتهكها حكومة الاحتلال اليمينية الفاشية رغم أن هذه الحقوق ضمنتها جميع المواثيق الدولية ومن ضمنها مواثيق حقوق الإنسان. ويتجذر انتماؤنا  لقضيتنا الوجودية أكثر فأكثر، ويتم التحرك على عدة جبهات لنصرة قضية الأسرى ودعمها ولكن ضمن إمكانياتنا المحدودة المتواضعة. وليعلم المجتمعان العربي والدولي أن المعتقلات رغم كثرتها، مفهومها واحد، وأساليب التحقيق وإن اختلفت وتعددت بين مُحقِق وآخر، غير أن هدفها واحد، ويبقى الجلاد المجرم في جميع الأحوال أيضاً واحد. وأما نحن الفلسطينيين قيادة ًوشعبًا وفي كافة أماكن تواجدنا داخل المعتقلات وخارجها، وفي الوطن والشتات، علينا أن نكون موحدين خلف قضية الأسرى الواحدة، وعلينا أن نعلم جميعا أنه لا حصانة لأي من أبناء شعبنا المرابط أمام عنجهية المحتل الغاصب، والتهمة جاهزة دائماً وهي: "أنت فلسطيني"!!! 
ونحن جميعاً دون استثناء مشروع شهادة أو اعتقال، نعيش في المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية المحاصرة والمحاطة بجدران الفصل العنصري، حيث أنها تشكل السجن الأكبر، وهو خاضع لحملات الدهم والتفتيش والاعتقال في أي لحظة وفي الزمان والمكان الذي يحدده المحتل الغاصب، حتى في حركتنا اليومية بين المحافظات والمدن الفلسطينية التي تم تقطيع أوصالها جغرافياً فتحولت إلى " أبرتهايد ". 
وهذا ليس بجديد على احتلال غاشم مجرد من كل القيم ويتفنن بجرائمه، فمن يقتل البشر الأبرياء ويغتال أطفالا نياما، وأطفال ذوي احتياجات خاصة، ونساء حوامل وشيوخ آمنين في بيوتهم، أو أنهم يسيرون في رحاب مدنهم لقضاء احتياجاتهم اليومية أو لدى تنقلهم عبر الحواجز العسكرية. وهذا الغاصب المعتدي هو من يقتل أيضاً الشجر ويدمر الحجر ويعيث في الأرض فساداً، فبالنسبة له إن قضية الاعتقال تبقى روتيناً اعتيادياً، فتجده يتفنن في الاعتقال، ويبتدع أساليب دموية لتعذيب المعتقلين وينتهج ممارسات يومية تهدف لانتهاك حقوقهم الإنسانية، وتسعى إلى تصفيتهم وجودياً ومعنوياً وجسدياً، حتى تصدق ادعاءاتهم الباطلة أن فلسطين أرض بلا شعب.
وفي الختام لابد من التأكيد على أن الاعتقالات وبالرغم من ضخامة أرقامها وبشاعة ما يصاحبها من اجراءات وممارسات جائرة تعسفية، فإنها لم ولن توقف مسيرة شعب يُصِرّ على المقاومة حتى استرداد آخر ذرة تراب في وطننا المغتصب، والسعي للحرية والاستقلال الكامل غير المجزوء. وليَعْلم قادتهم وقادة العالم بأسره أن الاعتقالات لن توفر الأمن والسلام لمحتل غاصب يتنكر لأبسط المفاهيم الإنسانية. إذ يستحيل فصل الأمن والسلام عن الحرية والاستقلال. ونهاية الكلام، لا يمكن لأي فلسطيني شريف أن يسمح لعدو غاصب العيش بأمن وأمان واستقرار وينعم بالسلام، حتى يعترف بحقوق شعب أعزل اغتُصِبَت أرضه ووطنه وشُرِّد وتشتت في المعمورة كلها.

currency أسعار العملات
18 يونيو 2023
العملة
سعر الشراء
سعر البيع
الأخبار الرئيسية
أبو بكر: إرجاء إضراب المعتقلين إدارياً عن الطعام للشهر المقبل
أبو بكر: إرجاء إضراب المعتقلين إدارياً عن الطعام للشهر المقبل
18يونيو، 2023
اقرأ المزيد
مساعدة بلينكن تصل اليوم وتعقد لقاءات في المنطقة
مساعدة بلينكن تصل اليوم وتعقد لقاءات في المنطقة
18يونيو، 2023
اقرأ المزيد
تشكيل لجنة وزارية إسرائيلية مختصة بشؤون فلسطينيي الداخل
تشكيل لجنة وزارية إسرائيلية مختصة بشؤون فلسطينيي الداخل
18يونيو، 2023
اقرأ المزيد
الأكثر مشاهدة
إصابات وحالة اعتقال في مداهمات للاحتلال بالضفة الغربية
إصابات وحالة اعتقال في مداهمات للاحتلال بالضفة الغربية
18يونيو، 2023
اقرأ المزيد
الشرطة: مقتل شابين وإصابة آخرين بإطلاق نار في بيت أمر
الشرطة: مقتل شابين وإصابة آخرين بإطلاق نار في بيت أمر
18يونيو، 2023
اقرأ المزيد
الطقس: أجواء غائمة جزئيا وانخفاض ملموس على درجات الحرارة
الطقس: أجواء غائمة جزئيا وانخفاض ملموس على درجات الحرارة
18يونيو، 2023
اقرأ المزيد