06-06-2023
broadcast
الأخبار
تريز هلسة، رحيل يشبهها
05أبريل، 2020 - 07:47ص

بقلم: ريما كتانة نزال

مضت تيريز هلسة بكامل بهائها، رحيل نبيل ومتواضع، يشبهانها. بهدوء تجمع أشياءها للرحيل وهي مغرقة في التفكير ببعض الأعمال غير المنجزة، بعض الاستمارات والمعلومات عن جرحى فلسطين وحقوقهم.. تزيح جميع الأفكار جانباً، بعد اتخاذ أحد قراراتها الحاسمة، كما كانت دائما تفعل. تقرر أن تعطي ظهرها للأرض والتوجه نحو السماء، حيث العدالة الأبدية.. حملت صليبها لا تلوي على شيء، كأحد المصلوبات على جدار التاريخ والرواية، واثقة «أن الله لا ينسى تعب المحبة، لأن كلاً سيأخذ أجرته حسب تعبه».

تعرفت على الراحلة تيريز في عمان، جمعتني بها هيئة تنظيمية واحدة في منظمة الجبهة الديمقراطية في الأردن. كانت تتولى مسؤولية الطالبات الثانويات، وبدوري كنت مسؤولة الطالبات الجامعيات المجاور للمدارس. من هنا بدأت الصلة والتواصل بيننا، ننسق لمهمتين متجاورتين. كنت قد عدت من «دمشق» أجرُّ جبلاً من الحزن، لأجد تيريز وقد عادت إلى وطنها بعد تحريرها من سجون الاحتلال بواسطة عملية تبادل أسرى عقدها تنظيمها في حركة «فتح».

لمن يعرف «تيريز هلسة» يدرك على الفوْر أن الموْت لا يليق بها، ولمن لا يعرفها يدرك أنها لا يمكن أن تضع نفسها في منازلة لا توفر لها فرصة التكافؤ. هذه حقيقة معروفة منذ المبارزة التي خاضتها في مطار اللد، فكانت الشرارة الحارقة كما ينبغي أن تكون عليه حارسات النار، لتصبح بطلة فلسطين النبيلة، بلا أوسمة أو أضواء، نظيفة اليد ومنتصبة القامة ومرفوعة الرأس.

لم تسع الشهيدة إلى أي منصب، لم تكترث لها من حيث المبدأ ولم تكن معنية بها. لم يُعْرَف عنها خوْض صراعات تافهة، جانبية، مصلحية أو فاشلة، ومع ذلك لم تكن محايدة في مواقفها، كالسيف في غمده. انها تعرف الصراع الثانوي الذي ينبغي عليها أن لا تخوضه، كما تعرف ماهية الصراعات التي ينبغي عليها خوضها..تنطلق من قناعة أن الحياة واحدة على الأرض، لا تملك فرصة أخرى لتصرفها على معارك ثانوية. وهو ما طبقته في صراعها مع مرضها، السرطان.

مع السرطان، قدمت نموذجاً مختلفاً. لم تقبل لنفسها، وهي الإنسانة الواضحة، الصراع مع خصم خبيث تسلل إلى جسدها أثناء انشغالها بالصمت...لم تقبل على نفسها أن يقبض المتسلل على روحها بقبضته، وهي التي رضيت بالوجع والحزن رفيقاً لها طيلة حياتها، فلم لا تُبقِ عليهما في لحظة مؤقتة، اعتبرت أن المسافة عن الموت واحدة في كل الحالات، بالكيماوي وبدونه سيان.

لطالما قبلت العيش بالاعتماد على مُسكنات الأوجاع من جميع الأشكال، وهذه المرة لن تغير في أسلوبها والعضّ على جروحها، رفضت تسجيل أي تنازل للمرض وتلقّي الكيماويات الحارقة، على أن تسجل رحيلاً ضعيفاً عن الدنيا.. لم تَلِن أمام جبروته ولم تستسلم، تعب المرض منها ولم تتعب عن مقارعته ومقاومته، ولم تستسلم حتى اللحظة الأخيرة، حين غزا الخبيث الجسد..ودقت الصافرة معلنةً الوصول للمحطة الأخيرة.

تيريز هلسة، المزيج الاردني الفلسطيني، ثراء المزيج التنظيمي. انها القوة التي تمتشق روح امرأة مناضلة. من البداية وحتى النهاية، استمرت في الوقوف على خط الواجب.
 

currency أسعار العملات
06 يونيو 2023
العملة
سعر الشراء
سعر البيع
الأخبار الرئيسية
الشرطة تصدر توضيحًا للحدث الذي وقع في جنين
الشرطة تصدر توضيحًا للحدث الذي وقع في جنين
06يونيو، 2023
اقرأ المزيد
مصرع طفلة بأداة حادة جنوب غزة
مصرع طفلة بأداة حادة جنوب غزة
06يونيو، 2023
اقرأ المزيد
مستوطنون يخططون لمسيرة باتجاه بؤرة أفيتار السبت المقبل
مستوطنون يخططون لمسيرة باتجاه بؤرة أفيتار السبت المقبل
06يونيو، 2023
اقرأ المزيد
الأكثر مشاهدة
قوات الاحتلال تقتحم منزل المحرر كريم يونس وتصادر مركبة
قوات الاحتلال تقتحم منزل المحرر كريم يونس وتصادر مركبة
06يونيو، 2023
اقرأ المزيد
حملة اعتقالات واسعة بالضفة الغربية والقدس المحتلة
حملة اعتقالات واسعة بالضفة الغربية والقدس المحتلة
06يونيو، 2023
اقرأ المزيد
الطقس: أجواء غائمة جزئيا والحرارة حول معدلها العام
الطقس: أجواء غائمة جزئيا والحرارة حول معدلها العام
06يونيو، 2023
اقرأ المزيد