بقلم: حنين رائد العصاه
اتَّبعت السلطات الإسرائيلية سياساتٍ قمعيةٍ عدوانيةٍ ممنهجة في حق أبناء الشعب الفلسطيني منذ عام 1967إلى يومنا هذا، خصِّيصاً تجاه المقدسيِّين، وقد كان الهدف الأساسي من هذه السياسات هو تهويد القدس، وإخراج سكَّانها منها بشتى الطرق الاستفزازية وغير القانونية، ومن بين هذه الطرق: هدم المنازل والمنشآت الفلسطينية، ولاسيما الاعتقال والقتل وجرائم الاحتلال الأخرى التي لا تعد ولا تحصى.
وقد صدر قرار مطلع الأسبوع الماضي من قِبل الإدارة الأمريكية بتصريح وزير الخارجية الأمريكية جورج بومبيو ينص على شرعية المستوطنات والاستيطان الإسرائيلي في فلسطين وأن هذه المستوطنات قانونية. طبعاً هذا القرار لم يأتِ من فراغ، بل هو سياسة خطيرة يتْبعها نتائج وخيمة نحو تصفية الوجود الفلسطيني والقضية الفلسطينية. وبالتالي زيادة الهدم لإحلال المستوطنات الإسرائيلية مكانها.
فهدم المنازل قد يكون لأسباب عسكرية بحجة حماية الجنود والمستوطنات، أو بذريعة تنفيذ أبنائها عمليات عسكرية ضد الإسرائيليين، أو بسبب عدم وجود ترخيص للبناء، علماً بأن القانون الإسرائيلي ينص على عدم معاقبة أفراد على أعمال قام بها آخرون، ولكن من الواضح أن مثل هذه القوانين تغفل ولا يسري مفعولها عندما يتعلق الأمر بالمواطن الفلسطيني! فالهدم له غايات تخدم إسرائيل ومصالحها، فمن خلالها يتم طمس التراث والحضارة الفلسطينية وإعدام التاريخ والقضية، بالمقابل يساعد إسرائيل على تهويد الأرض وتوسيع مستوطناتها. فقد تم هدم العديد من الأحياء السكنية بأكملها مثل: حي باب السلسلة وحي المغاربة في البلدة القديمة بالقدس، التي تحتوي على تراث فلسطيني يتمثل في البيوت القديمة ذات القباب، والأخطر من ذلك هو سرقة الحجارة القديمة للبيوت المهدومة، من أجل بناء كنس يهودية تحت الأرض كي يدَّعو أنهم اكتشفوا هذه الكنس القديمة التي ستدل على أن لهم تاريخ في المدينة. أيضاً محاولتهم هدم المسجد الأقصى زعماً منهم بأن الهيكل المزعوم موجود تحت المسجد. فكل هذه العمليات هدفها معروف ألا وهو إعدام التاريخ الفلسطيني العريق وتزييفه لصالح إسرائيل.
فبعد النَّظر إلى الإحصائيَّات التي قام بها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطينيّ منذُ عام 1967 حتَّى نصف عام 2019، تبيَّن أنَّ عدد المنازل التي تعرَّضت للهدم حوالي 2113 منزلاً، ويُقدَّرُ عدد الأفراد المتضرِّرين من الهدم 9400 فردا ً تقريباً. وتُشير هذه الإحصائيَّات على أنَّ الوضعَ الفلسطيني في خطرٍ والأرض الفلسطينية في ضياعٍ.
بالمقابل، نجدُ أن هناك الآلاف من المستوطنات يتم بناؤها على الأرض الفلسطينية، حيث أظهرت الإحصائيات الفلسطينية أن مجموع المستوطنات في الضفة الغربية والقدس المحتلتين بلغت 503 مستوطنات، يقطنها أكثر من مليون مستوطن، وستزيد هذه الأعداد في الفترات القادمة، خُصوصاً بعد قرار الإدارة الأمريكية بشرعَنَة المستوطنات وقانونيَّتها، التي بموجبها ستؤدِّي إلى زيادة عمليَّات الهدم، وأكْل ما تبقَّى من أرض فلسطين، إضافة إلى أنَّ هذا القرار سيُساهمُ في طمسِ الحضارة والقضيَّة الفلسطينية على حدٍ سَواء.
فالتَّساؤل الذي يبقى مطروحاً: أيْن الدُّول العربيَّة عن القضيَّة الفلسطينية؟ وأين حقوق الإنسان مما يحصل في الشعب الفلسطيني منْ ظلمٍ وهدمٍ وتشريد؟ ما مصيرُ الشَّعب الفلسطيني من كلِّ هذه القرارات المناهضة للاحتلال الإسرائيلي؟