بقلم: حمدي فراج
أما وان الانتخابات الاسرائيلية قد انتهت ، وان غالبية 60% من الجماهير العربية قد شاركت ومنحت ثقتها للقائمة المشتركة ، فإن المطلوب اليوم من هذه القائمة ، ومن معارضيها ، اجتراح أفضل القرارات وأحكمها، والتي من شأنها ان تحول قوتها المحدودة في الكنيست "البرلمان" ، الى قوة ذات مفعول ذا أثر نوعي بعيد المدى ، دون ذلك ، فهي ستعيد تكرير وتخريج تجربة انتخابات عام 1992 حيث دعمت اسحق رابين وشكلت له كتلة مانعة تحول دون ان تتمكن احزاب اليمين من اسقاطه والحؤول محله ، وسرعان ما تم التخلص منه شخصيا بقتله ، ومن حزبه شعبيا حيث لم يستطع الفوز الا مرة واحدة لمدة سنتين من خلال ايهود براك، الذي لم يحصل اليوم الا على خمسة مقاعد.
الواقع اليوم أكثر شراسة بكثير ، بما في ذلك واقع الكنيست في انتخاباتها الاخيرة ، التي تأتي بعد حوالي خمسة اشهر من الانتخابات السابقة ، وقراءة "أخرى" لما بين سطورها ، غير ما تقرأه القائمة المشتركة من مؤيدي تنصيب "ازرق ابيض" يتضح ان المقاعد التي حصل عليها اليمين تفوق المائة مقعد ، الا إذا صدق البعض أضغاث احلامهم ان هذا الحزب يساري لمجرد انه يختلف مع نتنياهو ، فهذا ايضا ينسحب على ليبرمان الذي يعارض نتنياهو وكان في حكومته على مدار عشر سنوات وزيرا للخارجية والدفاع، تماما كما كان بني غانتس ويعلون ولبيد.
تسمية بني غانتس من قبل القائمة العربية رئيسا للوزراء ، ليس بالضرورة ان يحسمه للمنصب ، وليس بالضرورة ان يقصي الليكود ولا نتنياهو ، سيظل ليبرمان كما قيل بيضة القبان ، الذي رفض تسمية هذا او ذاك لرئاسة الحكومة ، حينها سيتم التوجه الى انتخابات ثالثة غير محبذة لكل الاحزاب ، لكن الاقرب الى التحقيق ان يتخلص الليكود من نتنياهو مقدمة لتقاسم الحكومة بين الحزبين الكبيرين بدون ليبرمان وبدون الاحزاب الدينية المتخلفة وبدون "جميلة" القائمة العربية التي تنظر اليها كل الاحزاب في اسرائيل انها قوة معادية لاسرائيل وشعبها اليهودي و عاصمتها الموحدة "اورشليم" ومستوطناتها التي سرعان ما سيتم الاعلان عن ضمها ومعها غور الاردن.
كثيرون يكون لديهم قوة صغيرة، محدودة ، سرعان ما يحولونها بحكمتهم و قوة ارادتهم وحسن ادارتهم وصوابية خياراتهم الى قوة كبيرة ، حزب الله مثالا ، الذي اصبح تقريبا يقود الدولة اللبنانية من خلال شبكة تحالفاته مع التيار الوطني الحر بقيادة ميشيل عون و تيار المردة بقيادة سليمان فرنجية كإحتياط ، وهي تيارات كانت شبه معادية للتقدم وللقوى الثورية في المنطقة و للعمق القومي العربي . وبالمقابل ، كثيرون يكون لديهم قوة كبيرة فاعلة ومؤثرة ، كالثورة الفلسطينية التي عدت في يوم ما انها رأس حربة حركات التحرر في العالم أجمع ، جنحت بقرار واحد نحو ما يسمى السلم ، فحصلت على "سلطة" على طريق الدولة ، فلا على ثورة ابقت ولا على دولة حصلت.