29-04-2024
broadcast
الأخبار
هل من مشكلة ثقافية تُفسِر كل هذا القتل؟! / بقلم: محمد ياغي
07فبراير، 2014 - 09:03ص

إذا استثنينا الثورات الكبرى في التاريخ مثل الثورة الفرنسية والبلشفية والصينية، فإن الثورات التي حدثت في العالم في العقدين الأخيرين لم يرافقها هذا الكم الهائل من الدماء الذي يسكب يومياً في شوارع سورية واليمن وليبيا ومصر.

هل هي خصوصية النظام العربي الرسمي الذي أدت الى هذا الحجم غير المسبوق من إراقة الدماء في تاريخ العرب الحديث أم أن المسألة ثقافية ولها جذور في تاريخ العرب القديم؟

دعونا نبدأ من حقيقة أن الشعوب العربية تكاد تكون الأخيرة في العالم التي انتفضت لتطالب بحقها في الحرية والكرامة والعدالة. ودعونا نستحضر أيضاً أن الثورات التي حدثت في كوريا الجنوبية، والفلبين، واندونيسيا، ودول أوربا الشرقية جميعها باستثناء رومانيا لم تًرق فيها الدماء. النخب من المعارضة وأنظمة الحكم القديمة جلست على طاولة واحدة للاتفاق على آليه المسار السياسي الذي يُمَكِّن الجميع من الحق في السلطة عبر صندوق الاقتراع.

حتى في أوكرانيا، ذلك البلد التي تحتل فيه المعارضة الميادين منذ شهر، لم يسقط فيها أكثر من سبعة ضحايا قيل بأنهم اختطفوا ولم يسقطوا في مواجهات مع الحكومة الحالية.
لماذا يسهل إطلاق الرصاص من قبل الانظمة العربية على شعوبها بينما يبدو ذلك صعباً في دول أخرى؟ ولماذا تقوم بعض الجماعات الدينية بارتكاب جرائم مروعة في شكلها وحجمها وكأنها بذلك تسعى للتفوق على جرائم الأنظمة العربية الرسمية.
لا أدعي امتلاك إجابة على هذه الأسئلة ولكن هنالك ظواهر لافته.
في العالم العربي.. النظام ليس المؤسسة السياسية التي تحكم الدولة، ولكنه الدولة نفسها. بيروقراطية الدولة وبوليسها وجيشها وقضاؤها وإعلامها وخزنتها العامة جميعها تقف ضد جموع المنتفضين وتسهل عملية البطش بهم.

في العالم العربي.. النظام يًقسم الشعوب العربية الى طوائف ومناطق وإثنيات ويعطي الحظوة للبعض على حساب البعض حتى يكرهه البعض الأخر، وحتى يظهر كما لو أنه العنصر الوطني الوحيد الجامع "لأًمة" ستتفرق في غيابة. لهذا لا يدافع النظام عن نفسه عندما يطلق الرصاص ضد جموع الثائرين ولكنه يدافع عند وحدة "الأمة" ووحدة "أراضيها" والدماء ترخص عندما يكون الهدف "عظيم"!
في العالم العربي.. النظام عائلي وإذا إتسعت الدائرة، فإنها تضم مجموعة من أصدقاء العائلة أو من إنتسب إليها بفعل المصاهرة وصداقة الأبناء.. لهذا لا يدافع النظام عن سلطة سياسية، ولكنه يدافع عن مصالح العائلة التي تضمنها له إستمرار الوجود في السلطة.. القتل ضمن هذا السياق ناتج عن قناعة بأنه دفاع مشروع عن ملكية شخصية سواء كانت موروثة أو مكتسبة.
--"لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه".. قانون نيوتن للحركة.

في مقابل ملكية النظام للدولة..يشعر المواطنون بأن الدولة ليست لهم وبأنهم رعايا لديها..لهذا يرونها إمتداد للمشروع الإستعماري..ولأنها في نظرهم كذلك، فإن إستهدافها مبرر ومشروع و"شرعي"!
في مقابل تقسيم النظام للمجتمع عموديا لإحكام السيطرة عليه.. يقوم الضحايا باستهداف الجهة المستفيدة من التميز ضدهم باعتبارها الجهة التي تكرّس فقرهم وقهرهم، وهم يرون ذلك مشروعاً و"أخلاقي" أيضاً. ليس مهماً إن كان المستهدف هو طائفة أو جيش أو جهاز شرطة، طالما أنه مستفيد من الوضع القائم ومشارك في تكريسه.
وفي مقابل دفاع النظام عن ملكيه العائلية للدولة.. يقوم فاقدو الملكية أو من يشعرون بأن ملكيتهم قد أغتصبت منهم، بمحاولة إسترجاعها، وإذا كان الطريق لذلك هو الدم.. ليكن! أو لم نسمع عن قصص عديدة قَتلَ فيها صاحب الأرض جاره بسبب بنائه "لسلسة حجرية" وضع أجزاء منها بالصدفة (أو بالقصد) على أرض ليست له!

هل توجد مشكلة ثقافية في العالم العربي أم هي خصوصية أنظمة الإستبداد فيها التي تفسر هذا الكم من مشاهد الدماء؟.
البعض يرغب في العودة للتاريخ للدلالة على خصوصية ثقافية تبرر هذه الوحشية غير المسبوقة في تاريخ العرب المعاصر.. لكن على هؤلاء أن يبحثوا أيضاً في تاريخ أوربا وأميركا لأن حجم الدماء التي أريقت فيهما- كما التاريخ العربي- لا يتخيله عقل.. التاريخ يُقرأ ويُدَرس حتى تتعظ الناس مما جرى فيه وحتى يُدرك البشر أين كانوا وأين صاروا وأين أخطؤوا، لكنه ليسَ حُجة على أحد ولا يمثل خصوصية ثقافية لأحد..هو جزء من ذاكرة جماعية يمكن تفعيلها في تَوحيد الأمة أو تمزيقها.. لكن الذاكرة نفسها ليست إرثاً ثقافيا.

البعض الآخر مهووس بفكرة المؤامرة.. ملخص فكرة هؤلاء بأن الأنظمة العربية وجيوشها تابعة للغرب وتأتمر بأمرة.. بهذا المعنى، الدمار الذي يعاني منه العالم العربي هو حصيلة مؤامرة كونية.. هؤلاء لا يريدون البحث في مجتمعاتهم ودولهم ونخبهم عن جوهر المشكلة ويَستسهلون فكرة "المؤامرة" التي يمكنها تفسير كل شيء. لا يختلف تفكير هؤلاء عن تفكير سائق سيارة أجرة قال لي بأن الثورة المصرية تقف خلفها إسرائيل وأميركا وحزب الله وحماس وبعض المضحوك عليهم في مصر!.
هل من مشكلة ثقافية؟

نعم توجد مشكلة ثقافية.. ولكنها ليست مشكلة ثقافية خاصة بالشعوب العربية وإنما مشكلة ثقافية لدى نُخبها التي تعجز عن الجلوس على طاولة واحدة للإتفاق على مسار سياسي يكفل للناس حقوقها وكرامتها ويجنبها الدماء والإستبداد ويوظف التاريخ لخدمتها، لا لتدميرها.

 

currency أسعار العملات
29 أبريل 2024
العملة
سعر الشراء
سعر البيع
الأخبار الرئيسية
شهيدة وعدة إصابات في قصف للاحتلال استهدف منزلا برفح
شهيدة وعدة إصابات في قصف للاحتلال استهدف منزلا برفح
28أبريل، 2024
اقرأ المزيد
(محدث) الاحتلال يجرف بنية تحتية وأراضي زراعية في جلبون وفقوعة بمحافظة جنين
(محدث) الاحتلال يجرف بنية تحتية وأراضي زراعية في جلبون وفقوعة بمحافظة جنين
28أبريل، 2024
اقرأ المزيد
بايدن بحث في اتصال مع نتنياهو تطور محادثات التهدئة في غزة
بايدن بحث في اتصال مع نتنياهو تطور محادثات التهدئة في غزة
28أبريل، 2024
اقرأ المزيد
الأكثر مشاهدة
iPhone 16 .. أهم 7 تسريبات مهمة يجب أن تعرفها
iPhone 16 .. أهم 7 تسريبات مهمة يجب أن تعرفها
28أبريل، 2024
اقرأ المزيد
جيش الاحتلال يقر خطط اجتياح رفح و30 عسكريا يرفضون أوامر الاستدعاء
جيش الاحتلال يقر خطط اجتياح رفح و30 عسكريا يرفضون أوامر الاستدعاء
28أبريل، 2024
اقرأ المزيد
مقتل 3 جنود من جيش الاحتلال وإصابة 11 آخرين فى انفجار عبوة ناسفة بقطاع غزة
مقتل 3 جنود من جيش الاحتلال وإصابة 11 آخرين فى انفجار عبوة ناسفة بقطاع غزة
28أبريل، 2024
اقرأ المزيد