بقلم: حمدي فراج
قبل حوالي شهرين ، فجّر الفلسطينيون معركة نوعية أخرى لا تقل أهمية وايثارية عن معركة الاقصى ، التي تمثلت في اعلان نحو الف وخسماية اسير فلسطيني اضرابا مفتوحا عن الطعام استمر اربعون يوما ، بقيادة رموز الحركة الاسيرة ، البرغوثي ، سعادات ، السيد ، يونس ، العيساي ، فخري المقت ، وآخرون ، ولكن هذا الاضراب رغم شموليته ورغم التوافق الفصائلي على خوض معمانه وامتداده لفترة قياسية ، الا أنه أخفق في تحقيق الحد الادنى من مطاليبه الانسانية العادلة ، بعكس معركة الاقصى التي سرعان ما انتزع فيها الفلسطينيون نصرهم المبين خلال اسبوعين فقط من نشوبها ، فما هو السبب الذي وقف وراء هاتين النتيجتين المتعاكستين في هاتين المعركتين النوعيتين ضد عدو واحد هو حكومة الاحتلال الاسرائيلي بما تمثل .
بإختصار ، وبدون اللف والدوران ، فإن السبب وراء اخفاق الاولى ونجاح الثانية ، تمثل في عدم التناغم بين القيادة وجمهور المشتبكين ، الذي انسحب بدوره على العديد من الجوانب وعلى رأسها الجانب الاعلامي ، الذي بدا واضحا انه لم يول اهتماما كافيا بأخبار المضربين ولا بالفعاليات الشعبية المؤازرة ، وكان من النادر ان يتصدر خبر هؤلاء الاسرى – الذين يموتون جوعا - النشرات الرسمية ، واحيانا تمر اربعة اخبار او خمسة تستغرق من 12 الى 15 دقيقة قبل ان يتم تناول الاضراب ، وفي خيمة التضامن في مخيم الدهيشة ، التي تم افتتاحها منذ اليوم الاول للاضراب ، لم يأت على ذكرها الاعلام الرسمي ولا مرة واحدة ، رغم حضور عشرات المتحدثين الرئيسيين .
لم تقف المسألة عند حد التجاهل الاعلامي ، بل تجاوزه الى افتعال مشاكل فصائلية مغثة ، وعلى الاخص بين فتح وحماس ، حيث انتزعت صور الاسرى المضربين في غزة ، ومنعت حماس من رفع راياتها على خيم الاعتصام في الضفة ، ومنع خضر عدنان من إلقاء خطابه في اكثر من خيمة اعتصام تضامنية ، ووصل الامر بفدوى البرغوثي ، وهي عضو مجلس ثوري في حركة فتح التي يقود زوجها الاضراب ان تعتصم لدى مقام عرفات التذكاري وحيدة بعد ان تم منع باقي الامهات والزوجات من مشاركتها .
وفي لحظة التفاوض التي اقصي مروان عنها ، حصل نوع آخر من التآمر على تفتيت المطالب وشرذمتها بدون تحديد اي سقف زمني لتحقيقها ، وبدون حضور اي حقوقي لتوثيقها .
وانتهى الاضراب فجأة دون ان يحقق اي مطلب ، حتى ذاك المتعلق بالزيارة الثانية المنوطة بالصليب الاحمر . أن فشل الاضراب ، لا يعني ولا بأي حال انه لم يكن معركة نوعية ثقيلة ، وانه سيسقط من ذاكرة الشعب والتاريخ ، بل انه شكل ارهاصا بارزا ، لمعارك اخرى قادمة ، من ضمنها معركة الاقصى الظافرة ، ومن يدري ، فإن الاسرى اذا ما بدأوا معركة جديدة ، فإن انتصار الاقصى سيلهمهم هذه المرة لكي ينتزعوا نصرهم ، هذا في حالة ان تكون صفقة تبادلهم لم تمهر بعد .
فاتني الاشارة الى ان التنسيق الامني في معركة الاسرى لم يكن قد تجمد .