بقلم: سمير دويكات
بصراحة لم أتكن في يوم من الأيام أتوقع أن تتعامل الجهات الرسمية مع موضوع كموضوع المعلمين بهذا الشكل، ومنه تجاهل الأمر، الأسبوع الرابع من الإضراب ولم يقف أي مسئول أمام المضربين ليخاطبهم ولو بكلمة طيبة، بل على العكس كان لبعضهم نعتهم وللأسف بصفات سيئة، وأتحداهم أن يقوموا بذلك، ولو وقف مسئول أمام المعلمين في أول يوم خرج فيه المعلمين في تظاهرة أمام مجلس الوزراء لما تطور الأمر إلى هذا الحد، وهو أشبه بالثورات العربية عندما عاند بعض الزعماء شعوبهم فكانت العواقب وخيمة.
كذلك ما رافق الإضراب من إجراءات أمنية ضد المدرسين من اعتقال وتفتيشهم ومنعهم من الوصول إلى رام الله أو المديريات بالمحافظة، وفي المرة الثانية كنا في طريقنا إلى جنين، وإذا بحاجز للشرطة يطلب منا الهويات وهي المرأة الأولى منذ قدوم القوات الفلسطينية لفلسطين التي تطلب مني الهوية في الشارع، وان تعودنا عليها من الاحتلال الصهيوني، وهنا لا أقارن، وقتها شعرت بمرارة لم اشعر بها من قبل، أن يتم البحث عن المعلمين لمنعهم من الوصول، ماذا لو كان معلم ذاهب لمشفى أو زيارة قريب أو ذاهب للسوق أو غيره ؟ وصدقا مرة أخرى لم اشعر بتراجع لقيمنا وقضيتنا إلا في تلك اللحظة.
وبصراحة أكثر، وها نحن نراقب أولادنا منذ قرابة الشهر وربما سيزيد في الأيام القادمة، ومستقبلهم يضيع، إن خيرنا بين الحكومة والمعلم سنختار المعلم لان المعلم طوال مراحل النضال كان الهدف الأول وكان متواجد في كل المواقع ولم تكن الحكومة، وكان المعلم يقدم الغالي لأبنائه ولن نكون كأولياء أمر حريصون على أبناءنا أكثر من المعلم على أبناءه.
وفي المقابل لا يمكن البقاء على الحال من التجاهل وعدم الاستجابة وكل مبررات الحكومة لا تقبل ولا تسمن من جوع، فالأموال يمكن تدبرها بأي طريقة، ومن يمثل المعلمين موجود ولكن نحتاج إلى لغة لبقة وأسلوب حضاري لمخاطبة المعلمين بعيدا عن لغات التهديد والوعيد.
المعلم من حقه الإضراب والمطالبة بحقوقه، وهذا ما أقرته المحكمة العليا الفلسطينية، وان كان في يوم من الأيام، قد قالت في عهد هذه الحكومة بعدم شرعية الإضراب فكان لخطا شكلي في تطبيق الإجراءات، وأمام اصطفاف المعلمين بما يزيد عن الأغلبية لا يمكن بأي حال تجاوزهم أو اتخاذ إجراء ضدهم وهذا ما تعلمه أخينا الدكتور صبري صيدم وزير التعليم في حديثه على الإذاعة اليوم.
فلم يتبقى سوى صوت العقل والحكمة لتجاز الأزمة والقضية وحل الإشكال، فلم يكن هذا الإضراب وليد اللحظة أو السنة فهو يتكرر كل سنة وكل فصل، دون حلول جذرية، ونستمر في الالتفاف على حقوق الناس دون إشباعها كما هو القانون.
وفي اجتماع قبل أيام في البلدية، رأيت تعاطف كبير مع المعلمين وقضيتهم على الرغم من رغبة الأولياء والجميع على إيجاد حل لعودة الطلبة، ولكن تبين أن الجميع يرفضون كافة الحلول التي تأتي بعيدا عن المعلم نفسه، وكنت سعيدا أن اسمع معلم بأنه يدرس الطلاب وفي الوقت نفسه يسجل دوامه انه مضرب.
فنحن أولياء الأمور، عانينا طويلا من تهديد الاحتلال للحياة التعليمية طوال سنوات وخرجنا كطلبة اقوي من الاحتلال ودرسنا القانون والهندسة والطب وتفوقنا على جامعاته وتفوقنا على نظرياته واثبت المعلم انه أقوى من الاحتلال.